فصل [في عدة الوفاة]
عدة الوفاة إذا كانت الزوجة حرة مسلمة أربعة أشهر وعشر، لقوله سبحانه: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا [البقرة: 234]. وإن كانت حاملا فالوضع، لحديث سبيعة الأسلمية: نفست بعد وفاة زوجها بليال، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد حللت فانكحي من شئت". اجتمع عليه الموطأ والبخاري ومسلم.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المتوفى عنها داخلة في قوله -عز وجل-: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [الطلاق: 4] ، وهذا غير صحيح؛ لأن قوله سبحانه وتعالى: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم واللائي لم يحضن [الطلاق: 4] في الطلاق، ولا خلاف في ذلك، وهو الذي تضمنت السورة من أولها، ثم عطف عليها عدة الحامل.
ولا خلاف أن الحامل المطلقة مرادة بذلك ومعطوفة على ما تقدم من [ ص: 2202 ] الطلاق، وكذا قوله -عز وجل- فيما بعد هذا من التلاوة، لقوله: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن [الطلاق: 6] وقوله تعالى: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن [الطلاق: 6] وكل هذا المراد به الزوج المطلق، وليس على الميت أن يسكن ولا ينفق على الحمل ولا يستأجر لرضاعه، والذي تضمنته الآية في التلاوة قبل وبعد على الطلاق، ولا مدخل للمتوفى عنها فيما بين ذلك.
واختلف في ثلاث مسائل: المستحاضة، والمرتابة بتأخر الحيض، ومن عادتها الحيض لأبعد من أربعة أشهر وعشر. فقيل في تعتد أربعة أشهر وعشرا، وقيل: تسعة أشهر، وهو أمد الوضع، والأول أحسن لوجهين، أحدهما: عموم الآية في قوله سبحانه المستحاضة، والمرتابة بتأخر الحيض: والذين يتوفون منكم [البقرة: 234] الآية.
والثاني: أنها إنما ألزمت التربص إلى أمد حركة الولد، فلا يلزمها أن تنتظر أمد الوضع.
واختلف أيضا في والأول أحسن؛ لأنها إنما ألزمت أن تطلب دليلا واحدا وهو الحركة [ ص: 2203 ] فلا يلزمها أن تطلب دليلا آخر وهو الحيض. التي عادتها أنها تحيض في كل خمسة أشهر أو ستة أو أبعد من ذلك حيضة، هل تحل بمضي أربعة أشهر وعشر، أو تنتظر الحيضة؟
لأن هاتين لم يتأخر الحيض عنهما لريبة في الحمل، وإنما ذلك لما نزل بهما فنقله وأخره عن وقته. وعدة المريضة والمرضع أربعة أشهر وعشر؛
وكذلك حكم الصغيرة، والكبيرة اليائسة، والتي لم يدخل بها، حكم المدخول بها، هن في ذلك سواء ينتظرن أربعة أشهر وعشرا.