فصل [فيمن فقد في معترك المشركين، وكان القتال بأرضهم]
واختلف في فقيد معترك المشركين إذا كان القتال بأرضهم، فقال في العتبية: هو كالأسير. وروى عنه مالك أنه قال فيمن فقد بين الصفين في أرض الإسلام أو في أرض الحرب: تتربص زوجته سنة من يوم ينظر السلطان في أمره، ثم تعتد، وقال في كتاب محمد: إنه كفقيد أرض الإسلام ينتظر أربع سنين. أشهب
وأرى إذا كان الالتقاء في أرض الإسلام أن تكون العدة، واقتسام المال من يوم افتراق الجيشين بعد التربص والكشف عن أمره، إلا أن يعلم أنه صار إليهم فيكون كالأسير، فوجه القول أنه كالأسير؛ لأن أمره متردد بين الأسر أو القتل، والأصل الحياة، ووجه القول أنه ينتظر سنة فلأن الغالب من القتال القتل وغيره نادر، فكان تعلق الحكم بالغالب أولى، ووجه القول أنه كالمفقود أنه لما أشكل أمره بين الأسر أو القتل جعل الحكم منزلة [ ص: 2254 ] بين منزلتين.
ومحمل من على الموت، وذكر بعض أصحاب فقد في بلده في زمن الطاعون أو في بلد توجه إليه وفيه طاعون أن الناس أصابهم سنة بطريق مكة سعال وكان الرجل لا يسعل إلا يسيرا حتى يموت، فمات في ذلك عالم، ففقد ناس ممن خرج إلى الحج فلم يأت لهم خبر حياة ولا موت، فرأى مالك أن تقسم أموالهم، ولا يضرب لهم أجل المفقود ولا غيره، للذي بلغه من موت الناس من ذلك السعال. مالك
وكذلك الشأن في - أنهم على الموت، وقد علم ذلك من حالهم إذا توجهوا إلى البلد الذي يمضون إليه أنه تلحقهم الضيعة والموت، وقال أهل البوادي في الشدائد ينتجعون من ديارهم إلى غيرها من البوادي، ثم يفقدون في ابن القاسم فلا يوقف ميراثه، ولكن يعطى لورثته الأحرار حميل. وقال في كتاب محمد: والقياس أنه مثل الحر المفقود. عبد فقد فأعتقه سيده ثم مات ابن له حر من امرأة له حرة
وقوله: أن يدفع لورثته بحميل أحسن؛ لأنهم الورثة في الأصل، [ ص: 2255 ] وإخراجهم عن الميراث مشكوك فيه، وقد غاب الأب وليس بوارث، فهو على ذلك حتى يعلم أنه وارث.
وقال محمد فيمن تحبس عليه تلك الغلة، والغلة له إلى الوقت الذي يورث فيه. حبست عليه غلة دار ففقد:
يريد: التعمير، فجعل له الغلة لأنه غاب، وهي له، فلا تسقط عنه بالشك.
وقال فيمن فقد ثم مات له ولد فوقف: له ميراثه منه، ولا ينفق على زوجته من ذلك الميراث؛ لأنها على شك هل لها فيه حق أم لا ؟