[ ص: 2256 ] باب في سكنى المعتدات
سكنى المعتدة تجب في الموضع الذي كانت تكون فيه في حال الزوجية، وسواء كانت العدة عن طلاق رجعي أو بائن أو وفاة، وذلك حق للزوج، لحفظ النسب، وحق لها؛ لأنها ممنوعة من الأزواج من أجل مائه، وحق لله سبحانه عليها. والأصل في السكنى لها في الطلاق الرجعي قول الله سبحانه: لا تخرجوهن من بيوتهن [الطلاق: 1] ، وفي وجوبه عليها قوله تعالى: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [الطلاق: 1] ، ووجب لها في الطلاق البائن بقوله -عز وجل-: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ثم قال تعالى: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [الطلاق: 6] ، فبان بهذا أن هذه العدة عن طلاق بائن؛ لأنه لم يجعل لها نفقة إلا بوجود الحمل، ولو كان رجعيا لكانت لها النفقة وإن لم تكن حاملا.
وقد اختلف في معنى سقوط السكنى فأخرج لفاطمة بنت قيس، مسلم:
[ ص: 2257 ] وذكر "أنها قالت: يا رسول الله، أخاف أن يقتحم علي. فأمرها أن تتحول"، "أنه كان بينهم شر فانتقلت لذلك، وقالت البخاري: لا خير في ذكر ذلك". عائشة:
فبان بهذا أن السكنى بذلك الموضع حق لله تعالى؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها الانتقال إلا بعذر، وفي إنكار عليها دليل على أنها كانت ترى أن ذلك واجب عليها، وقال عائشة - رضي الله عنه -: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة، لا ندري أحفظت أو نسيت، أخرجه عمر مسلم.
ووجب السكنى في الوفاة فإذا منعها [ ص: 2258 ] من أن تعتد في غير الموضع الذي كانت فيه، وإن كان ليس بملك للزوج كانت فيما يملكه أولى بالمنع. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للفريعة، وقد توفي زوجها فقالت: يا رسول الله، إن زوجي توفي ولم يتركني في منزل يملكه، أتأذن لي أن أنتقل إلى أهلي؟ فقال لها: "امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله".