واختلف في هل هو واجب أو مستحب؟ وفي تخليل أصابع الرجلين: هل هو مرغب فيه أم لا؟ فذهب تخليل أصابع اليدين: إلى أنه واجب في اليدين مستحب في الرجلين . ابن حبيب
وقال :. . . . . . . . . . . . . . [ ص: 24 ] ابن شعبان
مستحب في اليدين .
وقال في مدونة مالك في تخليل الرجلين: ما علمت ذلك، ولا من الجنابة، ولا خير في الغلو والجفاء . وروى عنه أشهب أنه رجع إلى تخليل أصابع يديه ورجليه . وبه قال ابن وهب ، وبه أقول; لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ابن وهب . وهذا الحديث ذكره " إذا توضأت [ ص: 25 ] فخلل بين أصابع يديك ورجليك" الترمذي.
وفائدة التخليل: إيصال الماء وإمرار اليد; لأنه بذلك يسمى غاسلا، فإن لم يستوعب الماء تلك الأصابع أو شك في عمومه وجب إيصاله باليد. وإن أيقن بوصول الماء كان التخليل على الخلاف في التدليك، والمشهور من قول مالك أنه لا يجزئ الوضوء إلا بإمرار اليد، وبه يسمى غاسلا.
وقال عن ابن القاسم مالك: . ليس عليه أن يحرك الخاتم في وضوء ولا غسل
وقال : إن كان ضيقا فليحركه، وإن كان واسعا فلا . عبد العزيز بن أبي سلمة
وقال : يحركه، ضيقا كان أو واسعا . ابن شعبان
قال الشيخ أبو الحسن -رحمه الله-: وأرى أن يحرك الضيق لإيصال الماء فإن أيقن بوصول الماء فيه وفي الواسع، كان تحريكه بدلا من إمرار اليد.
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 26 ] " أنه مسح جميع رأسه، بدأ من مقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه"
والبداية في المسح من أول منبت الشعر من الوجه والنهاية آخر الجمجمة.
وقال : إلى آخر منبت الشعر . وليس بحسن; لأن ذلك من العنق وليس من الرأس. ابن شعبان
ويمسح النزعتين وما ارتفع إلى الرأس من شعر الصدغين، ويمسح البياض الذي بين الأذن وشعر الرأس، ولا خلاف أنه يؤمر بمسح جميع الرأس ابتداء; اتباعا للحديث.
واختلف إذا اقتصر على بعضه على أربعة أقوال:
فقيل: لا يجزئه إلا مسح جميعه. وإلى هذا ذهب القاضي أبو الحسن ابن القصار وغيرهما، وقال وابن الجلاب : إن مسح الثلثين [ ص: 27 ] فأكثر أجزأه ، قال لأن المسح لا يستوعب كل شيء مر عليه. محمد بن مسلمة
وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح مرة . وقال القاضي أبو الفرج: إن اقتصر على الثلث أجزأه; لأن الثلث في حيز الكثير في غير موضع.
وقال في " العتبية" : إن مسح المقدم أجزأه. قيل له. فإن مسح بعض رأسه ولم يعم؟ قال: يعيد; أرأيت لو غسل بعض وجهه أو بعض ذراعيه . وذهب إلى التفرقة بين المقدم والمؤخر، والأول أحسن. أشهب
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح جميع رأسه ، وهو المبين لأمته عن الله تبارك وتعالى، ولو كان يجزئه البعض لفعله وأبانه; لأنه كان يحب ما خف على أمته. وما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح بناصيته وعلى العمامة . فحجة للقول بمسح [ ص: 28 ] جميعه، ولو كان مسح البعض يجزئ، لاقتصر على ما مسح من الناصية، فتماديه بالمسح على الحائل -وهي العمامة- كالمسح على الخفين.
وقيل: ومحمل مسحه على العمامة أن ذلك كان لأمر أوجب ذلك، إما لفساد هواء يخشى مع الكشف أذاه، أو لعارض كان برأسه.
ولم يختلف أنه لا يجزئ في التيمم مسح بعض الوجه، وإن كان الخطاب فيه بـ (الباء) . ولا حجة في كونه بدلا من الوضوء; لأن التيمم في اليدين يجزئ إلى الكوعين ، والأصل في ذلك العضو في الوضوء بالماء إلى المرفقين، وليست الباء ها هنا للتبعيض; لأنه يجوز أن يقال: امسح برأسك كله، ولو كانت للتبعيض لكان كلاما متنافيا ولم يصح أن يؤكده بـ" كله" . ويجوز أن يقول: امسح ببعض رأسك، فلو كانت الباء للتبعيض لكان الكلام مستحيلا، أو يكون أمر ببعض البعض; لأن الباء عنده للتبعيض، ويصير الأمر بالبعض من بعض الأول، وهذا مما لا يفهمه أحد من قول الرجل: امسح ببعض رأسك: وهو بمنزلة قوله -عز وجل-: لست عليهم بمصيطر [الغاشية: 22] ، وما أنت بمؤمن لنا [يوسف: 17].