فصل [في نفي الولد بغصب]
وإن نفى بغصب فإنه لا يخلو من أن يثبت الغصب ببينة، أو يعترف بذلك الزوجان، أو يدعي ذلك الزوج وحده أو الزوجة وحدها، فإن ثبت الاغتصاب ببينة كان كثبوت الزنا، فيختلف إن قال: ليس مني، وقد كنت استبرأتها أو ينفيه بلعان أو بغير لعان.
واختلف قول إذا أكذبته، وقالت: بل هو منه، فإذا كان الحكم ألا ينفى إلا بلعان، كان اللعان على الزوج وحده، فإن نكل لم يحد، [ ص: 2451 ] وإن لاعن لم يكن عليها لعان؛ لأنها تقول: يمكن أن يكون من الغاصب. ابن القاسم
وأرى ألا ينفى إلا بلعان، لاتفاقهم إذا كانت الزوجة أمة أو نصرانية ألا ينفى إلا بلعان، وإن كان لا حد عليه في قذفهما.
وإن لم ينفه إلا بلعان لحق الولد قال تصادق الزوجان على الغصب، محمد: يلتعنان جميعا، يلتعن الزوج، وتلتعن المرأة: أن قد غصبت على نفسي، ويفرق بينهما، فإن نكلت رجمت.
ولا نعلم لرجمها وجها: لأن الزوج لم يثبت عليها في لعانه زنا، وإنما أثبت عليها غصبا، فلا لعان عليها، كما لو ثبتت البينة بالغصب، ولو لاعنت لم يفرق بينهما؛ لأنها إنما أثبتت بالتعانه الغصب، وتصدق الزوج، ولها أن تقول في الأربع: أشهد بالله إنه لمن الصادقين، أو لقد صدق، وهذا خارج عما ورد فيه القرآن مما يوجب الحد في نكولها، أو يوجب الفراق إن حلفت.
ويختلف إذا فعلى قول ادعى الزوج الطوع، وادعت الغصب، لا لعان عليه، وتحد هي؛ لأنها مقرة بالإصابة مدعية للغصب، وعلى قول ابن القاسم: لا تؤخذ بغير ما أقرت به، ويلاعن الزوج، فإن نكل لم يحد؛ [ ص: 2452 ] للاختلاف هل يقبل قوله؟ وإن لاعن حلفت لقد أصبت وبرئت، وسواء ظهر بها حمل أم لا، وهي في ظهور الحمل ها هنا بخلافه لو لم يكن لها زوج؛ لأن ذات الزوج قادرة على أن تنسبه إلى الزوج، وإن ادعى الغصب وأنكرت أن تكون أصيبت جملة، فعلى ما قال أشهب: محمد: يلتعنان جميعا.
والصواب إذا التعن الزوج أن لا لعان عليها؛ لأن الزوج إنما أثبت في التعانه اغتصابا، فإن نكل الزوج عن اللعان مع ثبات البينة بالغصب أو تصادقا على الغصب بغير بينة لم يحد، فكذلك إذا ادعى الغصب وأنكرت أن يكون أصابها أحد لم يحد؛ لأن محمل قول الزوج محمل الشهادة، وليس محمل التعريض.