باب فيمن قال لزوجته: أنت علي حرام، أو قال: الحلال علي حرام، أو ما انقلب إليه حرام، أو ما أعيش فيه حرام وما أشبه ذلك
ومن أو قال: الحلال علي حرام كانت طالقا، ولو قال: علي حرام، ولم يقل: أنت، أو قال: الحلال حرام ولم يقل: علي، لم يكن عليه في ذلك شيء. قال لزوجته: أنت علي حرام، أو قال: أنت حرام، ولم يقل: علي،
واختلف في أربعة مواضع:
أحدها: إذا قال: أردت بقولي علي حرام الظهار.
والثاني: إذا أراد الطلاق فما يلزمه من عدده.
والثالث: إذا قال: لم أرد طلاقا، وإنما أردت أن أهددها بذلك.
والرابع: إذا حرم شعرها أو كلامها.
فقال إذا قال: أردت بقولي: أنت علي حرام الظهار لا تنفعه نيته وهو طلاق. ابن القاسم:
وقال في العتبية: لا يعجبني ذلك، ورأى أنه ظهار، وهو أحسن [ ص: 2737 ] إذا لم تكن عليه بينة، أو كانت عليه بينة، وقال في نسق قوله ذلك: أردت الظهار فقوله لأن تحريم الزوجة يصح بهذين الوجهين: بالظهار والطلاق، فإذا قال أردت أحدهما صدق، وقال سحنون في المنتخبة: تطلق عليه، فإن تزوجها بعد لم يقربها حتى يكفر كفارة الظهار. وهذا جواب من أشكل عليه الأمر هل يكون ظهارا أو طلاقا، فأمره بالأحوط وأن يمتثل الوجهين؟. يحيى بن عمر
واختلف إذا أراد الطلاق فيما يلزمه من عدده، فقال مالك هو ثلاث قبل وبعد، وينوى أنه أراد واحدة قبل البناء ولا ينوى بعد. وابن القاسم:
وقال في المبسوط: هو ثلاث، ولا ينوى قبل ولا بعد. وقال عبد الملك أبو مصعب ومحمد بن عبد الحكم: هو في التي لم يدخل بها واحدة، وللمدخول بها ثلاث. وذكر ابن خواز منداد عن أنها واحدة بائنة، وإن كان مدخولا بها. مالك
وقال في كتاب عبد العزيز بن أبي سلمة محمله على واحدة رجعية، والقول: إنها قبل الدخول واحدة حسن; لأنها بالواحدة حرام، وإذا كان ذلك الاسم يقع عليها بواحدة لم يلزمه أكثر منها. وأما بعد البناء فتلزمه الثلاث; لأنها بها تحرم، إلا على القول أنها تصح بواحدة بائنة، وإن لم يكن معها فداء. وذهب ابن سحنون: عبد العزيز إلى أن وكذلك قال في التمليك والتخيير، وفي قوله: حبلك على غاربك يقول: إنها قد [ ص: 2738 ] ملكت نفسها وحرمت بالطلاق، والرجعة أمر يحدث بعد، وقاسه على قوله: طلقتك أو طلقت مني، وقد كان القياس إذا قال: طلقت مني ألا رجعة له فيها؛ لأن ما طلق من الإنسان لا شيء في يده منه، وإمساكها خلاف ما أعطاها، وكذلك قوله: فارقتك، يجعل الله -عز وجل- الرجعة نعمة منه، لما علم مما يدرك العباد من الندم بعد الطلاق. المطلقة تحرم حتى يحدث رجعة،
وأرى إذا أتى مستفتيا وقال: أردت واحدة ألا يلزمه غيرها، وكان الزائد لفظا بغير نية، وعكسه لو أراد أن يقول: أنت حرام فقال: أنت طالق، يختلف، هل يلزمه ما نوى أو ما نطق به؟ وقد قال فيمن أراد أن يقول: أنت طالق، فقال: ادخلي الدار فقد عوفي، فجعل الأمر إلى ما نطق به دون ما نوى، فكذلك لو أراد أن يقول: أنت طالق، فقال: أنت حرام. ابن القاسم
واختلف فيمن ثم كلمه بعد البناء، فقال قال لزوجته قبل أن يبني بها: إن كلمت فلانا فأنت علي حرام، في كتاب ابنه: إن كانت عليه بينة لم ينو؛ لأنها يوم الحنث ممن لا ينوى فيها. [ ص: 2739 ] سحنون
قال: وقال بعض أصحابنا إن علم ذلك منه قبل البناء لم يلزمه إلا طلقة، وله الرجعة. وهذا أبين، ولأنه يوم حلف كان ممن ينوى، ولا يلزمه الآن أكثر مما كان يلزمه يوم عقد اليمين، كانت عليه بينة أو لم تكن، وإن قال: الحلال علي حرام وقال: حاشيت زوجتي، صدق؛ لأنه لم يقل: أنت.
وقال عن مطرف يصدق في المحاشاة، وإن كان استحلف في حق لاختلاف الناس في هذا اليمين، فإن كانت اليمين لغير ذلك لم تنفعه النية، واليمين على نية الذي استحلفه. مالك:
واختلف أيضا فقال إذا قال: كل حلال علي حرام، تدخل زوجته في ذلك، إلا أن يحاشيها بقلبه، وقال مالك: لا تنفعه المحاشاة بقلبه، إلا أن يحاشيها بلسانه. والأول أحسن; لأن المحاشاة ما أخرج من الأول ولم يدخله الحالف في لفظه، والاستثناء ما أدخل في اليمين ثم رجع فقال أشهب: فيمن استحلف غريمه بالحلال عليه حرام، فحلف وهو جاهل، يظن أن الطلاق لا يدخل في ذلك: فإنه يحنث، ولا ينفعه جهله، وهو من ألفاظ الطلاق بمنزلة الأعجمي يحلف بالطلاق ولا يدري ما هو ولا حدوده فيلزمه ما يلزم العالم. [ ص: 2740 ] أصبغ:
قال الشيخ -رحمه الله-: أما من قال: إن اليمين على نية الحالف، وكان هذان يريان أن الزوجة غير داخلة في هذا اليمين فلا يلزمهما شيء إلا على القول بأن الطلاق يلزمه باللفظ من غير نية.