فصل [في المواعدة والخيار في الصرف، والصرف على التصديق]
واختلف في وفي المواعدة في الصرف وفي الخيار في الصرف، الصرف على التصديق في الوزن أو الجودة.
فأما المواعدة فاختلف فيها على ثلاثة أقوال:
فقال مالك يكره ذلك. وابن القاسم:
وقال في ثمانية أصبغ أبي زيد: يفسخ، ورآه صرفا فاسدا، وقاسه على [ ص: 2786 ] المواعدة في العدة; لأن كليهما مبايعة.
وقال ابن نافع في السليمانية: لا بأس به، ما سمعت أن أحدا كرهه.
وفرق بينه وبين المواعدة في العدة، وهو أحسن; لأن الوجه في منع المعتدة من النكاح خيفة أن تكون حاملا، حفظا للأنساب فمنعت من المواعدة خوف أن تسرع بالعقد في العدة، فيؤدي ذلك إلى اختلاط الأنساب، مع ما علم ممن تكون له رغبة في ذلك، ويخشى أن يسبق إليها، وقلة تثبت النساء في ذلك أن يوقعا العقد في العدة، فحمي باب المواعدة لذلك، وليس الصرف كذلك; لأنهما قادران على العقد في الحال.
ويجري الخلاف المتقدم في المواعدة في الصرف في بيع الطعام قبل قبضه، هل يجوز أو يكره أو يكون فاسدا؟
واختلف أيضا في الخيار في الصرف:
فقال هو فاسد. مالك:
وقال في كتاب محمد في رجل اشترى سواري ذهب بمائة درهم على أن يذهب بهما إلى أهله، فإن رضوهما رجع فاستوجبهما، قال: أرجو أن يكون خفيفا، قال محمد: وغير هذا من قول أحب إلينا. مالك
وفي الزاهي عن في الخيار في الصرف قولان: الجواز، والمنع. مالك
وقد اختلف في هذا الأصل فيما عقد على خيار ثم أجيز، فقيل: يصير كأنه لم يزل منعقدا من يوم عقداه، وعلى هذا يكون الصرف فاسدا، وقيل: هو بمنزلة ما لم يتقدم فيه عقد إلا وقت أجيز; لأنه قبل ذلك على ملك بائعه؛ [ ص: 2787 ] مصيبته منه، وغلاته له، وعلى هذا يكون الصرف جائزا.
واختلف في إذا قال بائع الدراهم هي جياد ووزنها كذا، فأراد مشتريها أن يقبلها على ذلك، فمنعه الصرف على التصديق في كتاب مالك محمد، وأجازه أشهب.
وكذلك لو باع سوارين، فقال: وزنهما كذا، وأراد مشتريهما أن يقبلهما على ما قاله من غير وزن، فاختلف فيه حسبما تقدم.
قال الشيخ - رضي الله عنه -: والمنع أحسن إذا كان بائع الدراهم أو السوارين غير مأمون، فإن كان ثقة ومن أهل الصرف جاز; لأنه يتقي أن يوجد الأمر على خلاف ما قال، ولا يطلع من مثل ذلك على الرجل الصادق إلا أن يكون نادرا، والنادر لا حكم له.
وقال في كتاب أشهب محمد: إن افترقا على التصديق، فوجد زيادة أو نقصا، فترك صاحب الفضل ما له فيه جاز ذلك. [ ص: 2788 ]