باب فيمن بادل رجلا دنانير بدنانير، ثم صرفها منه بدراهم، أو صارفه دنانير بدراهم، ثم باعها منه بدنانير
ومن المدونة قال فيمن مالك قال: لا خير فيه. بادل رجلا بدنانير تنقص خروبة، خروبة بدنانير قائمة، فلما أخذ وأعطى أراد أحدهما أن يصرف منه دينارا مما أخذ،
فمنع ذلك خشية أن يكونا عملا على ذلك، فيدخله دنانير ودراهم بدنانير. ولو رد جميع ما أخذ من الدنانير بالحضرة، وأخذ دراهم- لجاز; لأن حكم المراطلة يسقط، وكان صرفا صحيحا.
ولو رد جميعها بعد أن فارقه ولم يطل ما بين ذلك لكره، لإمكان أن يكونا عملا على ذلك، فيكون صرفا مستأخرا، وإن طال ذلك جاز.
وعكسه أن يكون الأول صرف دنانير بدراهم، ثم يرد الدنانير ويأخذ الدراهم من غير سكة دراهمه؟ فقال كره ابن القاسم: ذلك، فإن كان بعد يوم أو يومين كرهه أيضا. قال مالك وإن تطاول ذلك فلا بأس به. ابن القاسم:
قال الشيخ: أما إن رجع إليه أدنى سكة والوزن سواء، أو أدنى سكة وأقل وزنا جاز، ولا تهمة في هذا. وإن رجع إليه أجود سكة والوزن سواء، أو أجود سكة وأكثر وزنا - جاز أيضا; لأنه ليس فيه تهمة على صرف، والتهمة [ ص: 2789 ] فيه من باب سلف بزيادة، وهذا الوجه تدخل التهمة فيه في بياعات الأجل، وهذه بيعة نقد، وإنما تدخل التهمة في بيع النقد لو رجع أمرهما إلى تفاضل في الجنس الواحد أو صرف مستأخر.
فإن كانت إحداهما أجود فضة، والأخرى أجود سكة نظرت، فإن اختلف الوزن لم يجز ذلك في الحضرة ولا بعد يوم أو يومين، وهو ربا، وإن استوى الوزن جاز ذلك إذا لم يفترقا; لأن أمرهما عاد إلى المراطلة، وهما لو اعترفا أنهما عملا على ذلك لجاز، وإن افترقا ولم يطل منع وفسخ، وإن طال مضى.
وقال لو أن رجلا كان يسأل رجلا ذهبا فأتاه بها فقضاه فردها إليه مكانه في طعام، أو كان لرجل على رجل ذهب، فأسلم إليه مثلها في طعام، ثم ردها إليه قضاء من دينه: إنه لا خير فيه، وهو يشبه الصرف. مالك:
يريد: أنه تدخله التهمة كما تدخل الصرف، إلا أن التهمة ها هنا في فسخ الدين في الدين; لأن المعاملة الثانية بيع أجل، وإن نزل ذلك رد ما فعلاه أخيرا، فإن كان الأول قضاء فرده في سلم- فسخ السلم، وإن كان الأول سلما ثم قضاه- رد القضاء ومضى السلم. [ ص: 2790 ]