فصل [في المفلس يقر بالدين ثم يداين آخرين]
وإذا لم يقبل إقرار المفلس لمن أقر له بعد الحجر ثم داين آخرين لم يدخل معهم; لأنه كان راضيا بالتفليس وحقه على قوله فيما كان أخذ أصحابه، واختلف إذا صح إقراره ولم يرض بتفليسه ولا دخل في المحاصة، فقال محمد: له أنه يدخل مع الآخرين ، وقال في كتاب مطرف لا يدخل معهم ، وإن كان غائبا في حين فلسه ثم قدم كان له أن يدخل على الأولين فيحاصصهم، ويختلف إذا أحب أن يدخل مع الآخرين فعلى قول ابن حبيب: محمد يكون ذلك له.
وقال في كتاب السرقة: لا يدخل معهم، وهو موافق لقول ابن القاسم وهو أحسن لأن هذه الأموال للآخرين ولا شرك للأول فيها. مطرف،
واختلف إذا أبقى أحد الأولين في يديه نصيبه في المحاصة، فقال يضرب مع الآخرين بقدر ما أبقى كمداينة حادثة، وفي كتاب ابن القاسم: أنه يضرب بأصل دينه وهو أحسن إذا لم يكن أراد فلسه، وإنما قام بحقه لئلا ينتفع به أصحابه، وإن كان بنية التفليس قبل بنية حدثت. فكما قال [ ص: 3160 ] ابن حبيب: وإذا اقتسم مال المفلس ثم وجد في يديه مال فإنه لا يخلو أن يكون معاملة محدثة ، أو من فائدة هبة أو ميراث، ولم يعامل أحدا بعد التفليس أو بعد أن عامل وهو قائم الوجه، أو بعد أن فلس ثانية، فإن كان من معاملة، وقال الذين فلسوه أن في يده فضلا ليأخذوه كشف السلطان عن ذلك، فإن وجد فضلا آخر في يديه بقدر ما يوفي الآخرين، وقضى بالفضل للأولين، وإلا لم يعرض له ، وإن كان من فائدة ولم يعامل أحدا بعد الفلس أخذه الذين فلسوه على الحصص المتقدمة إن لم يكن فيه وفاء، وإن كان قد عامل آخرين وفلسوه اقتسم تلك الفائدة الأولون والآخرون بقدر الباقي لهم، فإن كان قائم الوجه لم يفلس بعد كان الأولون أحق بالفائدة; لأن محمله في المعاملة الثانية على الوفاء، وإن قضى الفائدة الآخرين كان للأولين أن يأخذوا مثل ما قضى مما في يديه من المعاملة الثانية، وإن تبين فلسه في المال الثاني تساوى حق الأولين والآخرين في اقتسام الفائدة إن قاموا به، فإن لم يقوموا حتى قضى أحد الفريقين أو رجلا منهم مضى على أحد قولي ابن القاسم: في قضاء من تبين فلسه; لأن الحجر الأول قد ذهب وبقي مطلق اليد في البيع والشراء والاقتضاء. مالك
وقال في كتاب ابن الماجشون محمد: إذا داين قوما آخرين ثم أفاد مالا بقي للأولين وهم أولى به من الآخرين ما لم يقع فلس ثان وهي في يديه لأن ذمته الثانية قائمة، يريد أن محمله في المداينة الآخرة على الوفاء ولم يرد أنها تكون [ ص: 3161 ] للأولين مع العجز عن الوفاء للآخرين.