باب في ضالة الغنم والإبل
لضالة الغنم خمسة أحوال: إما أن يجدها على بعد من العمارة وهو وحده أو معه الواحد والاثنان ومن لا حاجة له بشرائها، أو في جماعة يقدر على بيعها، أو في غير جماعة ومعه غنم، أو بقرب عمارة وقرية، أو في القرية نفسها.
فإن كان على بعد وحده أو مع من لا حاجة له بشرائها كانت لواجدها ولا شيء عليه إن جاء صاحبها، وفي مثل هذا جاء الحديث، وإن نقلها إلى الحاضرة بعد أن ذبحها كان له أكلها.
قال في العتبية: له أن يأكلها وإن كان غنيا ولحمها وجلدها مال من ماله، وليس عليه أن يعرفها إلا أن يأتي صاحبها وهي في يديه فيكون أحق بها -يريد: ويعطيه أجر نقلها- قال: ولو قدم بها حية عرفها وكانت كاللقطة . وهذا قول أصبغ في المدونة: وفي الغنم والبقر إذا التقطها رجل فأنفق عليها ثم أتى صاحبها فهي له، ويغرم ما أنفق هذا عليها. والقياس: ألا شيء له في الشاة، وإن كانت حية لأنه نقلها بعد أن سوغت له ملكا، ولولا ذلك لم ينقلها. مالك
وإن كان في رفقة باعها ووقف ثمنها لصاحبها، فإن أكلها ضمنها.
واختلف إذا تصدق بها، فقال في المختصر: لا شيء عليه، قال: وليست المواشي كغيرها . وقيل: يضمنها. وهو أحسن; لأن الأصل في الأموال أنها ملك لأربابها، ويجب حفظها لهم إلا ما ورد في الحديث مما يشق حفظه، وإن [ ص: 3208 ] تركه لم ينتفع به صاحبه. مالك
وإن كانت معه غنم ضمها إلى غنمه، قال في المبسوط: يحبسها مع غنمه سنة أو أكثر، وله حلابها ولا يطلب به، فإن ذبحها قبل السنة اختيارا ضمنها، وإن خاف عليها لم يضمن إلا أن يقدر على بيع لحمها . مالك
وعلى قوله إن مرت بها السنة أو أكثر جاز له أكلها إن لم يجد من يشتريها منه، وهذا أحسن في الشاة والشاتين; لأنه لا ضرر عليه إن ضمها إلى غنمه، فإن كثرت وشق حفظها لم يكن ذلك عليه، وكان له أن يأكلها إن لم يجد من يشتريها منه، وتبقى الواحدة والاثنتان وما لا يشق حفظه.
وإن وجدت قرب قرية ضمها إليها وعرفها فيها، فإن لم يفعل وأكلها ثم تبين أنها لأهل تلك القرية ضمنها.
واختلف إذا كانت لغيرها، فقال في الدمياطية: لا شيء عليه. أشهب
وقال في كتاب مالك يضمنها أكلها أو تصدق بها . ولم يفرق بين أن تكون لهم أو لغيرهم، وهذا أحسن، وقد تقدم وجه ذلك لأن الأصل بقاء الملك لأربابه. وإن وجدها في قرية كان حكمها حكم الأموال في التعريف والحفظ. ابن حبيب: