فصل [حكم أخذ ضالة الإبل]
قد تقدم الحديث في ضالة الإبل أنها تترك ولا يعرض لها، واختلف [ ص: 3209 ] السلف في أخذها، فمنعه - رضي الله عنه -، وأجازه عمر - رضي الله عنه - ، قال عثمان كانت في زمن ابن شهاب - رضي الله عنه - مؤبلة لنتاج لا يمسها أحد حتى كان زمن عمر - رضي الله عنه - فأمر بتعريفها ثم تباع، فإن جاء صاحبها أعطي الثمن. عثمان
واختلف فيها عن فقال مرة: لا يعرض لها، ومن أخذها عرفها، فإن لم تعترف ردها حيث وجدها . وقال مرة في من وجد بعيرا ضالا: فليأت به الإمام يبيعه ويجعل ثمنه في بيت المال . مالك،
قال في مدونته : يوقف ثمنه حتى يأتي ربه، وإن كان الإمام غير عدل خلي حيث وجد . أشهب
فكان الحكم في الزمان الأول الترك لوجود النبوة والصحابة، ثم كذلك في خلافة - رضي الله عنه - لعدل الخليفة وصلاح الناس ، ثم لم تترك في زمان عمر - رضي الله عنه - لعدل الخليفة وفساد الناس، ثم تغير الأمر ففسد السلطان والناس فرأوا أن تؤخذ، ولا ترفع إليه، وعلى هذا يجري أمرها اليوم; تعرف فإن لم يأت [ ص: 3210 ] صاحبها بيعت، وإن خشي السلطان إن عرفت لم تؤخذ، وإن كان إنما يخشى عند عدم صاحبها إذا صارت ثمنا، أرسلت حيث وجدت ولم تبع، وإن كانت بموضع فيه السباع أخذت وعرفت; لأنه لا مشقة في بلوغها بخلاف الشاة، إلا أن يخاف عليها من سلطان الموضع متى عرفت فتترك فقد يعود صاحبها بقرب قبل أن تهلكها السباع. [ ص: 3211 ] عثمان