باب في هبات المأذون له في التجارة وصدقته وتأخيره بالدين
ولا يجوز للمأذون له في التجارة أن يتصرف في ذلك المال في وجه لا يرجى فيه فضل كالهبة والصدقة والعارية والسلف والتأخير بالدين والوضيعة منه; لأنه معروف وخارج عن التنمية إلا أن تكون الهبة والصدقة الشيء اليسير، وما يعلم من السادات أو من هذا السيد أنه لا يكرهه أو يعير ما العادة أن العبيد يعيرونه كعارية الماعون وشبهه ، وقال إذا دعا إلى طعامه أو أراد أن يعق عن ولده لم يكن ذلك له إلا أن يكون ليجتر به منفعة في بيعه وشرائه، أو يعلم أن سيده لا يكره ذلك ، ويجوز من التأخير والوضيعة ما يراد بمثله الاستيلاف للتجارة ما لم يبعد في الأجل أو يكثر في الوضيعة فيرد جميعها، وإذا كان الحكم في الصدقة والهبة الرد نظرت فإن كانت معينة كان رد السيد إسقاطا لها وللعقد قبضت أو لم [ ص: 3242 ] تقبض وليس رد السيد انتزاعا لها فإن أعتق العبد كانت له، وسواء كانت في يديه أو في يد المتصدق عليه قائمة أو مستهلكة فالقيمة للعبد، وإن كانت غير معينة فقال لك في مالي أو ذمتي مائة دينار كان للسيد رد عقده عند مالك: وليس ذلك له عند ابن القاسم، وإن لم يعلم السيد حتى قبض الموهوب له تلك المائة كان له ردها قولا واحدا، ويبقى العقد على حاله، وليس رد المقبوض ردا للعقد لأن عقد الهبة لم يكن ذلك العين المقبوض، فإن رد العقد كان على الخلاف المتقدم هو رد عند أشهب، وليس برد عند ابن القاسم وهو أحسن; لأن بقاء العقد لا يضر بالسيد في مال العبد ولا في ثمنه أن يبيع; لأنه لا يؤخذ من ماله إلا بعد عتقه، وإذا لم ترجع الصدقة أو الهبة إلى العبد حتى أعتق لم يكن له أن يرتجعها ; لأنه مطالب بالعقد، وأن يغرم مثلها بخلاف أن تكون الصدقة معينة إلا أن يفلس العبد المعتق فيكون غرماؤه أحق بها لأن مطالبة المتصدق عليه إنما هو بعقد على ما في الذمة، وهي صدقة لم تقبض، والذي كان قبضه قد رد السيد فعله فيه، وبقي على ملك العبد فكان غرماؤه أحق به. [ ص: 3243 ] أشهب،