باب في صفة الانتفاع بماء الآبار والمواجل والأنهار وحكم المياه إذا نزلها المسافرون
والآبار ثلاثة: بئر ماشية، وبئر زرع، وبئر شفة ، وكل هذه الآبار فصاحبها أحق بمائها حتى يروي ماشيته أو زرعه أو ما جعلها له، فإذا صارت إليه كفايته افترق الجواب في الفضلة:
فإن كان جعل الفضلة صدقة أنفذ فيما جعل فيه.
فإن لم يجعله في وجه من الوجوه كان في حبسه عمن احتاج إليه لماشية أو زرع قولان:
فقال مرة: له حبسه.
وقال في كتاب ليس ذلك له، وإن كانت بئر ماشية فيما لا يملك من الأرضين لم يكن له حبس الفضل. ابن حبيب:
وقال في المجموعة: هذا إذا جعله للصدقة . ابن القاسم
يريد: أن له حبسه إن لم ينو به الصدقة كبئر الزرع; لأن حفر تلك البقعة إحياء لها، فإذا لم ينو الصدقة كانت كغيرها من الأملاك ، وإن حفرها في ملكه كان له الفضل إلا أن ينوي به الصدقة، وكذلك بئر الزرع له الفضل إلا أن ينوي به الصدقة، فإن نوى الصدقة ولم يخص به زرعا، ولا ماشية فاحتاج إليه رجلان [ ص: 3265 ] أحدهما لماشيته والآخر لزرعه بدئ به أحوجهما إليه، وإن تساويا في الحاجة اقتسماه، وإن جعل الفضل لأهل الماشية بدوابه، فإن فضل عنهم شيء أخذه أهل الزرع، وقال في بئر الماشية إن تشاحوا استهموا عليه . ابن الماجشون
وأرى أن يقسم بينهم، فإن استوت الماشيتان والماء كفاف اقتسماه نصفين ويسقي كل واحد منهما نصف ماشيته، وكذلك إن كان زرعا والفضل كفاية زرع أحدهما، وإن كان كفاية لسقي مائة شاة وماشية أحدهما مائة شاة والآخر مائتان اقتسماه نصفين; لأن زيادة المائة في سهم أحدهما لو سلم إليه الماء هالكة على كل حال، وكذلك إذا كان الزرع كفاية أحدهما، ولنصف زرع الآخر اقتسماه نصفين; لأنه لو سلم الماء لصاحب الكثير لم يسق إلا النصف، والنصف هالك بكل حال، وإن كان كفاية لمائتي شاة أو لجميع زرع أحدهما ونصف الآخر اقتسماه أثلاثا.