باب في شفعة الصغير والسفيه والمريض والغائب
وإذا وجبت الشفعة للصغير كان الأمر فيها لوليه من أب أو وصي أو حاكم أو من أقامه الحاكم له فما رآه من حسن نظر من أخذ أو ترك مضى ، فإن رشد الصغير بعد ذلك لم يكن له أخذ ما ترك ولا ترك ما أخذ ولا نقض شيء من ذلك إلا أن يثبت أن الأخذ له لم يكن من حسن النظر، لغلائه أو لأنه قصد بالترك محاباة من اشترى ذلك النصيب، واختلف إذا لم يأخذ بالشفعة وكان الأخذ أحظ ، وقال في كتاب مالك محمد: إذا علم من الوصي أنه ضيع أو فرط في ذلك، وأن أمره فيه كان [ ص: 3321 ] على غير حسن نظر، ومضى للبيع خمس سنين فلا شفعة له ، وكأنه رأى أن أخذ الشفعة بمنزلة الاشتراء ابتداء، والوصي ليس بمجبر على ذلك ولو بذل رجل للصبي سلعة بثمن بخس فلم يأخذ له لم يضمن لأن تنمية المال مباح له، وليس بواجب.
قال محمد: إن اختلف الوصيان فأخذ أحدهما وترك الآخر كان الأمر إلى السلطان فيما يراه صوابا من أخذ أو ترك، فإن غفل عن ذلك حتى تمت السنة والشقص في يد مشتريه سقطت الشفعة، وإن كان في يد الوصي الذي أخذ- كان الصبي إذا رشد بالخيار في الأخذ أو الترك .
وإذا وجب للصبي شفعة فرشد بعد بعض السنة وحكم برشده ، فقال في كتاب محمد: فله تمام السنة من يوم وجبت الشفعة ، وإن لم يكن له وصي ولا من ينظر له كانت له سنة مستأنفة. [ ص: 3322 ]
واختلف في مبتدئها فعند محمد من يوم يلي أمر نفسه، وعند السنة من يوم البلوغ، وفي البكر من يوم الدخول والغائب من يوم القدوم والمريض من يوم يصح، وخالف أصبغ في المريض، وقال: هو كالصحيح إلا أن يشهد في مرضه قبل مضي السنة أنه على شفعته ، فأما الصغير فالاختلاف فيه راجع إلى هل يحمل على الرشد بالبلوغ أم لا؟ ابن حبيب
واختلف في البكر إذا لم تكن في ولاية هل هي بالبلوغ على الرشد كالصبي؟ ولا أرى أن تكون بعد البلوغ على الرشد ، وأرى إذا بلغ سفيها ثم قام بعد الرشد بالشفعة ألا شفعة له إلا أن يكون الأخذ قبل ذلك حسن نظر، ولو كان رفع إلى السلطان لم يأخذ له ، إما لأن الصبي لا مال له يأخذ له به أو لأن ذلك المال قدر الحاجة إلى الإنفاق أو لم يكن الأخذ صوابا لأجل غلائه أو لسوء موضعه أو لأنه في زمن فتنة، ثم انتقل الحال اليوم لغنى أو بارتفاع الأسواق في [ ص: 3323 ] الرباع أو بعمارة ذلك الموضع أو ذهاب الفتنة لم يكن له الآن شفعة، وقد قال فيمن أعتق عبدا وهو معسر يعلم ذلك العبد والشريك والناس، ثم أيسر لم يقوم عليه ، يريد: لأنه لو كان رفع إلى حاكم لم يقوم عليه، فكذلك هذا ، فأما المريض فإن كان على رأيه في النظر في أمر الدنيا بالبيع والشراء فهو الصحيح، وإن كان قد أعرض عن ذلك، ثم قال بعد صحته كنت تركت ذلك والنظر فيه لمن يصير إليه ذلك، قبل قوله، وليس من يكون ورثته ولدا ويعلم منه الاجتهاد لهم بمنزلة من ورثته عصبة فلا يصدق وإن كانوا عصبة . مالك