باب فيمن وهب شقصا أو تصدق به لغير الثواب
اختلف قول هل في ذلك شفعة أم لا ؟ وأن لا شفعة أصوب، ولا يستحق على رجل ملكه إلا في موضع جاءت فيه السنة وهو البيع، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مالك ، ولا يتصور مثل ذلك في الهبة، فإن أثاب الموهوب له عن تلك الهبة فلا شفعة فيها فلم ير فيها شفعة; لأن العوض تطوع فلا تنقل الهبة عن أصلها إلا أن يقوم دليل على أنهما عملا على ذلك، قال "لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك" محمد فيمن وهب شقصا للثواب، ثم ترك الواهب الثواب لموضع الشفعة: فلا شفعة إلا بعد دفع الثواب ، يريد: أن الشفعة إنما تجب بعد معرفة الثواب فيأخذ به أو يدع، فإذا أسقط الواهب العوض لم يستحق الواهب الشفعة بجهل العوض.
قال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا كانت الهبة قائمة، فالقول صحيح، وكذلك إذا فاتت على أصل وأما على قول ابن القاسم، فإنما يستحق القيمة ، [ ص: 3399 ] فإذا كانت الهبة لغير ثواب فأراد الشريك أن يحلف الموهوب أنهما لم يسرا بيعا لم يحلف إلا أن يكون ممن يتهم. أشهب
وقال في المجموعة: فإن رأى أنها لثواب; لأنه محتاج وهب لغني أحلف الموهوب له، وإن كانت على صغير أحلف أبوه، وإن كان في غنى عن الثواب، وإنما كانت لقرابة أو لصداقة فلا يمين، وإن لم تكن قرابة ولا صداقة ولا حاجة به إليهم، فاليمين في ذلك ، وقال مالك في كتاب مطرف في رجل له دار فتصدق بنصفها، وباع النصف في مجلس واحد: فإن بدأ بالصدقة كانت الشفعة للمتصدق عليه، وإن كان في كلام واحد، وإن بدأ بالبيع فلا شفعة، وإن قال: كنت تصدقت وبعت فلا شفعة، ولا ينظر إلى ما بدأ به ، ولا يقبل قوله . ابن حبيب