فصل [فيمن أوصى بالنفقة على رجل بعينه]
فإن ، فإن الوصية على ثلاثة أوجه : إما أن يسمي السنين أو حياته ، أو يطلق الوصية فلا يذكر سنين ولا حياة ، فإن أطلق الوصية ، كان محملها على حياة المنفق عليه . أوصى بالنفقة على رجل بعينه
واختلف إذا قال : حياته في حد التعمير . فقيل : تسعين سنة . وقيل : ثمانين . وقيل : سبعين . وقيل : مائة ، وهذا إذا كانت الوصية لواحد . [ ص: 3635 ]
واختلف إذا كانت الوصية لجماعة بعد القول إن الحد تسعون أو مائة ، فقال : ثمانين لكل واحد . مالك
وقال محمد : سبعين; لأن الجماعة يحمل بعضها عن بعض فيموت بعضهم قبل السبعين ، ويتأخر الآخر . والقول بالسبعين في الواحد أحسن . وإن كان الموصى له ابن سبعين ، زيد عليها .
وروي عن أنه قال : إن كان ابن ثمانين عمر تسعين ، وإن كان ابن تسعين ، عمر مائة . والوصية بالنفقة على وجهين : مقيدة مثل أن يقول يعطى كل شهر دينارا ، وكل يوم خبزة ، ومطلقة . فإن كانت مقيدة ، أنفذت حسبما رسمه الميت ، وإن كانت مطلقة ، كانت له نفقة مثله ، فليس ما يعرض للرجل [ ص: 3636 ] المتوسط ، ومن له الهيئة كالمعروف بالبذاذة والسؤال . مالك
وقال في كتاب مالك محمد : يفرض الطعام والإدام ، والماء والحطب والدهن ، والثياب ، ولا أدري ما ثياب الصون .
وقال ابن أبي حازم في كتاب المدنيين : له النفقة بغير كسوة . وهو أقيس; لأن الذي عليه الناس اليوم أن النفقة غير الكسوة ، وإنما يقولون نفقة وكسوة ، ولا يرون أن ذكر النفقة يغني عن ذكر الكسوة ، ولا يدخل عليه في ذلك ، وإن أوصى بدينار كل شهر ، ووصى مع ذلك بوصايا ، وضاق الثلث ، ضرب للموصى له بالنفقة بما وصى له على التعمير .
واختلف فيما يصير له في المحاصة على ثلاثة أقوال : فقال محمد ، وابن نافع في المجموعة : إن صار له نصف وصيته ، أنفق عليه نصف دينار في كل شهر .
وقال : يعطى كل شهر دينارا . مطرف
وقال : يدفع إليه ما صار له في الحصاص بتلا; لأن الوصية [ ص: 3637 ] عالت . وأرى أن ينظر في ذلك ، فإن كان قصد الميت أن يعطي ذلك كل شهر لما يعلم من تبذيره ، لم يعجل له ، ودفع إليه دينار كل شهر; لأن الميت قصد أن يوسع عليه ذلك القدر من النفقة ، وإن كان يعلم أن ثلثه يضيق عن جميع الوصايا ، كان آكد ألا ينقص من الدينار ، وإن كان قصد الميت رفق الورثة ليخرجوه من غلات ، ولئلا يبيعوا في ذلك الرقاب ، أو ما أشبه ذلك ، عجل للموصى له ما صار في المحاصة . وإن أشكل الأمر ولم يعلم قصده ، لم يعجل ، ويحمل على الظاهر أن الميت لم يرد تعجيل ذلك ، وفي الباب الذي بعد : إذا أوصى بدينار من غلة حائطه بقية ما يتعلق بهذا المعنى . أصبغ
وقال محمد : التعمير والنفقة من يوم الموت .
واختلف إذا وقف ذلك لينفق عليه فمات قبل انقضاء التعمير ، وقبل أن ينفذ ما صار له في المحاصة ، فقال مطرف : إذا صار له في المحاصة خمسون دينارا ، وكان أوصى له بدينار في كل شهر فأنفق عشرة ، رجعت الأربعون للموصى لهم ، فإن استكملوا وصاياهم ، وفضل شيء رجع إلى الورثة فاقتسموه على قدر مواريثهم ، وانتقاض القسمة ها هنا والرجوع إلى ما كشف الغيب حسن; لأن المحاصة كانت بما عمر على الكمال ، ولم ينقص منها شيء لمكان [ ص: 3638 ] الغرر ، ولا أرى للورثة في الفاضل شيئا; لأنهم لم يجيزوا وصية الميت ، وخرجوا من ثلثه فنماء ذلك الثلث ، ونقصانه ومصيبته للموصى لهم وعليهم .