فصل [فيما أراد المخدم أن يبيع الخدمة أو يكريها]
وإن نظرت هل الخدمة مؤقتة بأجل ، أو حياة المخدم ، أو حياة العبد ، فإن كانت مؤقتة بأجل حياة المخدم ، أو حياة العبد ، جاز أن يبيع جميع تلك الخدمة ما لم يبعد الأجل . وأجاز أراد المخدم أن يبيع الخدمة من أجنبي إذا كان الأجل عشر سنين أن يكريه بالنقد في العشر سنين; لأنه يقول : إن مات المخدم قبل انقضاء العشر سنين ، خدم الورثة بقية الأمد ، ولا يجوز عند ابن القاسم ابن نافع; لأنه قال : إن مات المخدم بعد سنة أو سنتين ، رجع العبد إلى سيده . وقال : إن كانت الخدمة حياة المخدم أجره السنة ، والسنتين ، والأمد القريب; لأن الغرر فيه من وجهين : حياة العبد ، وحياة المخدم . وإن كانت الخدمة حياة العبد ، جاز على أصل ابن القاسم أن يؤاجره عشر سنين; لأن الغرر فيه من وجه واحد ، وهي حياة العبد فأشبه لو آجر عبد نفسه تلك المدة; لأن الغرر من حياة العبد وحده . [ ص: 3669 ] ابن القاسم
وقد قال في الدار يوصى بسكناها : إنه لا يكريها ، إلا الأمد القريب السنتين ونحوها .
وقال ابن ميسر : لا بأس أن يكري الثلاث والأربع . قال : ولو كرهت هذا القدر ، أو أكثر منه لكرهت أن يؤاجر عبده سنتين ، والحال فيهما سواء ولا بأس بالنقد فيه ، وهذا صحيح; لأن الغرر في الدار من ناحية واحدة وهي حياة الموصى له; لأنها مأمونة فأشبه عبد نفسه أن الغرر فيه من ناحية واحدة وهي حياة العبد وحده ، ولو أراد الموصى له أن يؤاجر الدار والعبد عشر سنين بغير نقد لجاز على القولين جميعا .
وأجاز للموصى له أن يؤاجر العبد ، وإن كان من عبيد الحضانة إذا كان الموصى له ليس يحتاج إلى حضانة ، أو كان يحتاج إلى حضانة ، والعبد ليس من عبيد الحضانة ، فإن اجتمع الوجهان فكان من عبيد الحضانة ، والموصى له يحتاج إلى حضانة ، لم يؤاجره . ابن القاسم
وقال : يجوز أن يؤاجر في مثل تلك الحضانة ، والأول أحسن; لأن [ ص: 3670 ] الموصي بمثل ذلك يكره أن يؤاجر آخر عبده ، وكذلك أرى في الرجل الذي له القدر يوصي بأن يخدم عبده فلانا أو يخدمه إياه من غير وصية سنين معلومة ، فمعلوم أنه لا يريد أن يكون عبده في الإجارة عند الناس ، وإنما يريد بر صديقه أو قريبه بذلك ، وكذلك دابة ركوبه يعيره ركوبها شهرا ، فليس له أن يؤاجرها ، وكذلك دار سكناه ، وإلى هذا ذهب أشهب ابن نافع فقال في كتاب المدنيين في من وصى فقال : يخدم عبدي فلانا سنة ، فمات في بعضها : إنه يرجع إلى ورثة الموصي ، ولا شيء لورثة الموصى له فيه ; لأنه إنما يريد أن يخدم عين ذلك الرجل ، ولم يرد أن يوله تلك الخدمة ، وكذلك الرجل يسكن صهره الدار سنين ، ثم يفارق بنته في بعضها ، أو تموت الابنة فلا شيء له من بقية المدة; لأنه إنما يريد رفقه ومجاملته لتكون ابنته في تلك الدار وألا يخرجها إلى مساكن الناس أو يبعد بها عنه .