فصل [في أوجه الكتاب]
: ندب وإباحة ، مباحة من وجه ومندوب إليها من وجه ، ومكروهة ، وممنوعة وذلك راجع إلى حال العبد من الدين والقوة على الأداء والوجه الذي يوفي منه . والكتابة على أربعة أوجه
فإن كان العبد معروفا بالدين ولا يعرف بسوء ، والكتابة على مثل الخراج أو يزيد يسيرا والسعاية من وجه جائز ، كانت ندبا ، لما تضمنت من العتق; لأنه مما يتقرب به إلى الله -عز وجل- .
وإن كانت على أكثر من الخراج بالشيء الكثير كانت رخصة ، وإباحة من هذا الوجه ، لما تضمنت من الغرر ، لإمكان أن يعجز عند آخر نجومه فيذهب سعيه باطلا ، وهذا محظور في البيع أن يبقى المبيع وما ينقد فيه من الثمن [ ص: 3961 ] تارة في يد البائع ، إلا على قول من قال إنه يعتق منه بقدر ما أدى .
وندبا لما تضمنت من العتاقة; لأنه إذا سقط المنع من وجه الغرر ثبت الندب لأجل العتق .
وإن كان العبد معروفا بالإيذاء والشر كانت مكروهة ، لقوله سبحانه : إن علمتم فيهم خيرا [النور : 33] أو لأن كتابة من هذه صفته وعتقه تسليط على الناس ، وبقاؤه في الرق أمنع لشره ، وإن كانت سعايته من غصب أو سرقة أو عمل بالربا أو كانت أمة تكسب من فرجها كانت ممنوعة .
وأجاز كتابة من لا حرفة له من الرجال ، وقال مالك : يجوز ، وإن كان يسأل الناس . ابن القاسم
وكره كتابة الأمة التي لا حرفة لها ، وقال الشيخ مالك أبو الحسن - رضي الله عنه - ، وقال : يفسخ إلا أن تفوت بالأداء . أشهب
واختلف في كتابة الصغير ، فذكر ابن القصار عن قولين : الجواز والمنع ، وأجازه مالك ، وقال ابن القاسم في كتاب أشهب محمد : لا يجوز ، ويفسخ إلا أن تفوت بالأداء ، أو يكون له ما يؤدي منه ، فيعجز فيؤخذ منه [ ص: 3962 ] ويعتق ، قال : وكذلك الجارية غير ذات الصنعة ، وهذا أحسن ، ولا يكاتب اليوم من لا حرفة له من رجل أو امرأة أو صبي لأن الغالب أنه يتغير الأمر في ذلك ، ولا يعترض هذا ببريرة; لأنهم كانوا أحسن دينا ، وكانوا على حال العرب في العطايا والهبات .
والقول بأن الخير : الدين ، أحسن ، لقول الله -عز وجل- : إن علمتم فيهم خيرا [النور : 33] ولو كان المراد : المال ، لقال : إن علمتم لهم ، يقال : في فلان خير ، إذا أريد به الدين ، وله خير ، إذا أريد به المال ، وإن كان يجوز بدل حروف الجر بعضها من بعض ، فإن ذلك مجاز ، وإنما يحمل اللفظ على حقيقته ، وعلى ما وضع له إلا أن يقوم دليل المجاز ، ولا يختلف أن من حق السيد القدرة على الأداء .