فصل [في الشركة بمالين حاضر وغائب]
اختلف في فأجازه الشركة بمالين، حاضر وغائب، مالك ومنعه وابن القاسم، ومر في ذلك على أصله أنها مبايعة. والأول أحسن، ولو كانت مبايعة لم يجز أن يخرج أحدهما مائة دينار وألف درهم والآخر مثلها، ولا أن يخرجا في شركة الحرث الزريعة جميعا وأحدهما العمل والآخر الأداة والبقر; لأنه لا خلاف في منع مكيلة من الطعام بمثلها، ومع أحدهما عمل بقر والآخر عمل يد. سحنون،
وقال إذا مالك: أن الربح بينهما أرباعا. أخرج أحدهما ألفا وخمسمائة، والآخر خمسمائة وله ألف غائبة، فخرج بالمالين واشتريا بالألفين وباعا وربحا،
وقال محمد: إن كان كذبه وخدعه، اقتسما الربح أرباعا، وإن كان أمره [ ص: 4787 ] على الصحة، كان بينهما نصفين.
وأرى أن يسأل العامل عن الوجه الذي اشترى عليه، فإن قال: ليكون بيننا أرباعا على قدر أموالنا، قبل قوله وكان له ربع الربح قولا واحدا. وإن هلك المال قبل وصوله أو خسر فيه بعد بيعه، لم يضمن العامل بالمال للمقيم شيئا. وإن قال: اشتريت ليكون بيننا نصفين حسب ما اشتركنا عليه، قبل قوله. فإن هلك قبل بلوغه أو خسر، ضمن للمقيم خمسمائة إن هلك المال وما ينوبها من الخسارة إن خسرا، وإن ربحا كان الربح أرباعا.
والحكم في الخسارة والربح مختلف، فإن خسر قال المقيم: أنا أمضي ذلك المشترى حسب ما ألزمت نفسك واشتريت عليه. وإن ربح قال: لم أرض أن يكون لك في مالي نصيب إلا أن يكون لي في مالك مثله.
وإلى هذا ذهب غير في "المدونة": ابن القاسم [قال: لأن صاحب الجارية يقول: لم أرض أن يكون له معي نصيب إلا أن يكون لي معه نصيب]. إذا اشترى أحدهما بماله جارية، فكان فيها ربح وهلك مال الآخر.
وهذا إذا أقر العامل أنه تجر ليكون ضامنا للخمسمائة، وإن كان ضامنا لتكون الخسارة على قدر المالين أرباعا، كان الربح كذلك. [ ص: 4788 ]
فتكلم على هلاك الجارية، وجاوب غيره على ربحها، إلا أن يرضى الآخر أن يأتي بألف أخرى مكان التي هلكت فيشتريان بها، فيكون ربح الجارية بينهما، أو يرضى الآخر أن يخلف ألفا ويرجع وحده فيشتري بها، وهو استحسان; لأن من حجة الأول أن يقول: علي مضرة في انتظار سفرك ورجوعك، إلا أن يكون الذي بينهما قريبا. ابن القاسم
ومحمل جواب محمد في كون الربح بينهما نصفين، على أن الآخر يخلف مكان التي عدمت.
واختلف بعد القول أن الربح أرباع في الأجرة، فقال لا شيء للذي سافر من الإجارة وهو متطوع. وقال ابن القاسم: له أجرته. وهو أحسن، والقول قوله أنه لم يعمل على وجه التطوع ويكون له الأقل من إجارة مثله أو الربح. سحنون:
وفي قول "الربح بينهما أرباع"، دليل على أنه يرى أن عدم الألف لا يمنع الغائب من التمادي في الاشتراء بالمالين، ولو كان عنده أن للمقيم منعه لموضع قلة مال الآخر، لقال: الربح بينهما نصفان، ويكون له جميع الربح إذا اشترى به لنفسه; لأنه إذا كان الحكم عند عدم الألف أن يوقف مال المقيم ولا يتجر فيه له فتعدى وتجر، كان له جميع الربح. وهذا هو الحكم في كل ما حكمه لا يحرك لتجارة. [ ص: 4789 ] مالك: