فصل [في ما تجوز إعارته من الشريكين]
ويجوز لأحد الشريكين أن يعير الشيء الخفيف كالماعون وما أشبهه مما العادة أن الشريك يفعله بغير إذن شريكه، وكالدابة لمن يقضي عليها حاجة ليس ليسافر بها، ولا يجوز فيما كثر إلا أن يكون ذلك لمن عادته مبايعته فيرجع إلى الاستيلاف أو لمن يخشى رده.
وأما استعارته فهي على ثلاثة أوجه: تجوز فيما لا يغاب عليه; لأنه غير [ ص: 4847 ] مضمون. وفيما يغاب عليه إذا كان لا خطب له. ويمنع مما يغاب عليه وله خطب.
قال فإن ابن القاسم: وقد يستعير الدابة والسفينة قيمتها مائة دينار وكراؤها دينار وهذا يدخل على صاحبه الضرر. استعار كان ضمان ذلك على المستعير دون شريكه; لأن شريكه يقول: أنا لم آمرك بالعارية ولو استأجرت لم أضمن،
ومحمل قول في ذكر الدابة والسفينة قدر القيم، ليس لأنها مضمونة أو يكون مذهب الحاكم بالموضع تضمين العواري. ابن القاسم
وإن كانت مما لا يغاب عليها، فإن كان الحاكم ممن لا يرى التضمين فعزل قبل النظر في ذلك وولي غيره فضمنه، لكان الضمان عليهما. وإن كان مذهب الحاكم الأول التضمين والمستعير يجهل ذلك، لكان الضمان عليهما على اختلاف فيه. قال وليس كل الناس فقهاء. [ ص: 4848 ] ابن القاسم:
وقد اختلف في تضمين من وكل على شيء فاجتهد فأخطأ هل يضمن؟ فهو في هذا أعذر، والغالب اليوم أن الناس يرغبون في العارية؛ لئلا يؤدوا أجرة، ويحملون الأمر في الضياع على السلامة وأنه من النادر.
وأرى أن يكون الضمان عليه وعلى شريكه وإن كانت مما يعاب عليه، وإذا استعار أحد الشريكين دابة فحمل عليها الشريك الآخر. [ ص: 4849 ]