باب في إجارة الثياب والحلي، وفي ضمان المستأجر وهل يؤاجر؟
اختلف في في أربعة مواضع: أحدها: في جواز إجارتها. والثاني: هل يصدق المستأجر في ضياعها؟ والثالث: هل يصدق في سقوط الأجرة إذا ادعى بعد انقضاء الأمد أنه ضاع قبل ذلك؟ والرابع: هل للمستأجر أن يؤاجره من غيره؟ فأما جواز الإجارة فهو على ثلاثة أوجه: فمن كان شأنه أن يشتري هذه الأشياء ويوقفها للكراء جاز، وكذلك من لم يكن شأنه ويكريه لمن يطيل استخدامه حتى ينقصه. إجارة الثياب والحلي والماعون
واختلف إذا كان الاستعمال الأمد الخفيف مما لا ينقص فيه فأجيز وكره; فقال في إجارة الحلي: لا بأس به. مالك
وقال مرة: ليس هو من الحلال البين وليس من أخلاق الناس. يريد أنه ليس من مكارم الأخلاق أخذ الأجرة في مثل ذلك. وكذلك إذا كان الذي يستأجر قليل الثمن، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخرجه الصحيحان. "لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما"
وقيل في قول الله -عز وجل-: ويمنعون الماعون [سورة الماعون آية: 7] ذلك في مثل الدلو والفأس وما أشبه ذلك. وقيل: الزكاة. وإن ادعى المستأجر [ ص: 4953 ] ضياع ذلك صدق، وذكر قولا آخر: أنه لا يصدق. وقال سحنون في الجفنة يدعي ضياعها: أنه ضامن. والأول أبين، وليس الإجارة كالرهن; لأن حق المرتهن في الرقاب تباع له إن لم يوفها المطلوب، أشهب ولهذا قيل في من وهب ما هو في الإجارة أن حوز المستأجر للموهوب ليس بحوز; لأنه أمن لربها بخلاف المخدم أنه حائز لنفسه ولم يحزها لربها. وحق المستأجر في المنافع والرقاب في يديه أمانة لا حق له فيها؛
وإن قال المستأجر في الجفنة: انكسرت، ولم يأت بفلقتيها، لم يصدق; لأن عدمهما دليل على كذبه إلا أن يكون في سفر فيقول: طرحتهما ولم أتكلف حملهما. ولو استأجر ثوبا فقال: احترق، ولم يأت منه بشيء لم يصدق.
واختلف إذا قال بعد الأجل: كان ضاع مني قبل ذلك، فقال لا يصدق وعليه الإجارة كلها إلا أن تكون له بينة أو يعلم أنه كان ذكر ذلك قبل، فيحلف ويكون عليه من الأجر إلى الوقت الذي سمع منه ذلك. ابن القاسم:
وقال القول قوله ولا يكون عليه من الأجر إلا بقدر ما أقر أنه انتفع به، والأول أحسن إذا كان في حضر، وإن كان في سفر كان القول قوله مع يمينه وبرئ. [ ص: 4954 ] أشهب: