[ ص: 4988 ] باب في إجارة الظئر، وإذا ماتت أو مات الصبي أو الأب، أو استأجر ظئرين فماتت إحداهما، أو صبيين فمات أحدهما
جائزة؛ لقول الله تعالى: الإجارة على الرضاع فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن [سورة الطلاق آية: 6]; لأن ذلك مما تدعو إليه الضرورة وبه تقوم حياة أمثاله، ولا خلاف في ذلك.
وتجوز ولا يدخل ذلك في النهي عن الطعام بالطعام; لأنه طعام مخصوص لأعيان، ومعلوم أن المراد بالنهي غير هذا، فتجوز الإجارة إذا كان الصبي حاضرا ليرى نحو سنه، وإن كان غائبا لم يجز إلا أن يذكر سنه; لأن الرضاعة تختلف، فليس رضاع من له شهر كرضاع من له سنة. الإجارة بالدنانير، والدراهم، والعروض، والطعام
وإن جرب رضاعه لتعلم قوة رضاعه من ضعفه كان أحسن، فإن لم يفعلا جاز لأن الرضاع يتقارب، ولا يجوز على قول إلا بعد معرفة رضاعه; لأنه قال في الظئر تستأجر لرضاع صبيين فمات أحدهما: تنفسخ الإجارة لاختلاف الرضاع، قال: لأنها إن آجرت نفسها لترضع آخر مكان الميت لم تدر هل رضاعه مثل الميت أم لا؟ سحنون
وليس لذات الزوج أن تؤاجر نفسها في الرضاع إلا بإذن زوجها، فإن [ ص: 4989 ] فعلت فسخه الزوج إن أحب; لأن عليه في ذلك معرة أو مضرة لاشتغالها عنه به إن كان رضاعه عند أبويه، وإن كان عندها أفسد عليه كثيرا من حاله، وإن كان له ولد أضر ذلك برضاع ولده.
واختلف إذا كانت الإجارة بإذنه هل للزوج أن يصيبها؟ فمنع ذلك في "المدونة" وحمل استئذانه أن ذلك لأجل حقه في الإصابة. وأجازه ابن القاسم في "كتاب ابن حبيب" لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن ذلك لا يضر الولد" وحمل استئذان الزوج لأن له المنع مع بقائه على الإصابة لما يلحقه من المعرة أو المضرة. وإذا انعقدت الإجارة بإذنه منع أن يحدث أمرا يوجب في ذلك فسخا أو عيبا. وإن آجرت ذات شرف نفسها في الرضاع لزمها ذلك عند مالك. أصبغ
وأرى إن كان لها من يدركه من ذلك معرة من أب أو ولد أو أخ أن تنفسخ الإجارة.
وعلى الأب ما يحتاج إليه الولد من ريحان أو زيت أو عسل، وهو غير داخل في الإجارة إلا أن تكون العادة أن تتولى ذلك من مالها، ورضاع الولد في [ ص: 4990 ] بيتها إلا أن تكون العادة إرضاعه عند أبويه; لأن من باع سلعة معينة لم يكن عليه نقلها إلى دار مشتريها.