[ ص: 5005 ] باب في الدعوى في الإجارة
وقد تضمن هذا الرسم من الكتاب خمسة أسئلة:
أحدها: أن يقر صاحب الثوب للصانع أنه سلطه على العمل، ويقول: عملته باطلا.
والثاني: أن يقر له بوضع يده عليه دون العمل فيقول: استودعتك، ويقول الآخر: استعملتني.
والثالث: أن يقول: لم أضع يدك عليه وقد سرق مني. ويقول الآخر: استصنعتني.
والرابع: أن يقر له بوضع اليد وبالعمل، ويخالفه في الشيء الذي يعمل.
والخامس: أن يتفقا في العمل ويختلفا في قدر الأجرة.
فإن اتفقا على الإذن في العمل وقال: عملته لي باطلا كان القول قول [ ص: 5006 ] الصانع أنه لم يهبه.
قال يحلف ويأخذ المسمى. وقال غيره: له الأقل من المسمى أو إجارة المثل، فإن كان المسمى أقل حلف الصانع وحده واستحق المسمى، وإذا كانت إجارة المثل أقل حلف الصانع أنه لم يعمله باطلا، وحلف الآخر أنه لم يستأجره بتلك التسمية وغرم إجارة المثل. ابن القاسم:
وهذا إذا كان بينهما ما يشبه أن يعمل له باطلا، فإن لم يكن أخذ المسمى إن كان أقل بغير يمين، وإن كانت إجارة المثل أقل حلف صاحب الثوب وحده ودفع إجارة المثل، فإن نكل حلف الصانع وأخذ المسمى.
وهذا إذا اختلفا بعد أن سلمه، فإن لم يسلمه حلف الصانع وحده على التسمية وأخذها قولا واحدا إذا أتى بما يشبه; لأنه لو أقر أنه استأجره بثمانية. وقال الآخر: بعشرة، كان القول قول الصانع إذا كان الثوب في يده، فهو إذا قال: باطل، أبين أن يكون القول قول الصانع.
واختلف إذا قال: أودعتك، وقال الآخر: استعملتني. فقال القول قول الصانع، قال: ولو أجاز هذا الناس لذهب ما يعملون باطلا، [ ص: 5007 ] وقال غيره: العامل مدع. يريد أنه يكون على حكم المتعدي; لأنه لم يفرط، وأصل مالك: أن القول قول الصانع في طرح العداء، والقول قول الآخر في طرح التسمية ويكونان شريكين. والأول أحسن; لأن الغالب فيما يدفع إليهم أنه للاستصناع، والإيداع نادر، والنادر لا حكم له. سحنون
وهذا الاختلاف إذا أراد التضمين. فأما إذا أخذ ثوبه وكانت إجارة المثل مثل المسمى فأكثر أخذه ودفع المسمى ولا أيمان بينهما، وإن كان فيها قولان: فقول كانت إجارة المثل أقل من المسمى يحلف الصانع ويأخذ المسمى. وعلى قول غيره يحلف صاحب الثوب ويدفع إجارة المثل. مالك:
واختلف إذا قال: سرق مني، وقال الآخر: استعملتني، فقال يتحالفان ثم يقال لصاحب الثوب: إن أحببت فادفع الأجرة وخذ متاعا، فإن أبى قيل للعامل: ادفع قيمته غير معمول، فإن أبى كانا شريكين. وقال غيره: العامل مدع، ويضمن قيمة الثوب; لأن القول قول صاحب الثوب أنه لم يستعمله والصانع مقر أنه عمله وهو عالم أنه له، ففارق من عمل ما اشتراه واستحق؛ لأنه غير عالم. [ ص: 5008 ] ابن القاسم:
وأرى أن يبدأ بصاحب الثوب قبل الأيمان فيقال له: أتحب أن تأخذ متاعك أو تضمن؟ فإن قال: أنا آخذ، نظر إلى قيمة الصنعة، فإن كانت مثل المسمى الذي ادعى الصانع فأكثر قيل له: لا فائدة في مناكرتك فادفع المسمى وخذ متاعك من غير يمين على واحد منكما.
وإن كانت إجارة المثل أقل حلف صاحب المتاع وحده، فدفع إجارة المثل وأخذ متاعه، فإن نكل حلف الصانع وأخذ المسمى. وإن قال صاحب المتاع: أنا أضمنه، دخل الخلاف المتقدم. وقول أحسن; لأن اختلافهما شبهة. ابن القاسم
وإن قال: سرقته مني، وقال الآخر: استعملتني فيه، فإن كان ممن تشبهه السرقة وهو صانع منتصب كان الجواب كالأول، الشبهة قائمة ويجري الخلاف المتقدم، وإن كان مثله لا يشبه ذلك كان القول قول الصانع، وعوقب صاحب المتاع.