باب في اختلاف المتكارين
قال: وإن اختلفا هل حرث متعديا أو بكراء؟ فإن كان حرثه بعلم صاحب الأرض، كان القول قول الزارع أنه لم يتعد، ولا خلاف في ذلك، وإنما الخلاف في المستحق من الكراء هل المسمى أو المثل إن كان كثيرا؟ فإن كان المسمى الذي يقول المكتري أنه اكترى به مثل كراء المثل فأكثر، غرم ذلك المسمى من غير يمين على واحد منهما. وإن كان المثل أكثر كان القول عند قول الزارع مع يمينه إذا كان أتى بما يشبه. ابن القاسم
وقال غيره: القول قول صاحب الأرض مع يمينه ويأخذ كراء المثل. وإن كان حرثه بغير علم صاحب الأرض كان فيه قولان، هل اختلافهما شبهة يسقط عنه حكم التعدي، أو ليس بشبهة ويكون القول قول صاحب الأرض وهو قول وجعل غيره ذلك شبهة يسقط عنه حكم التعدي. ابن القاسم؟
فعلى قول يحلف صاحب الأرض أنه لم يكره ويكون معه على حكم التعدي، فإن كان في الإبان ولم يبرز الزرع أو برز ولم يكن في قلعه منفعة، كان له أن يأخذ الأرض بزرعها ولا شيء للزارع، وإن كان في قلعه منفعة كان له أن يأمره بقلعه ولربه أن يقلعه. ابن القاسم
واختلف إذا أحب صاحب الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا فأجيز [ ص: 5111 ] ومنع، والإجازة أحسن، وليس يدخل هذا في النهي عن بيع الزرع قبل بدو صلاحه; لأن ذلك في بيعه على البقاء فيزيد في الثمن لمكان البقاء ولا يدري هل يسلم أم لا؟ وهذا يأخذه بقيمته مطروحا ولم يزد البقاء شيئا، فإن سلم فهو له، وإن لم يسلم لم يكن له على البائع شيء، وإن أحب أن يقره بالكراء وكان ذلك قبل بروز الزرع أو بعد بروزه وقبل أن يكون في قلعه منفعة، لم يجز ذلك، ويدخله بيع الزرع قبل بدو صلاحه على البقاء; لأنه صار لرب الأرض بتنمية أرضه، إلا أن يكون قصده إثبات التعدي.
ويرى رأيه هل يأخذه بالتعدي أو يمضيه له ويطلبه بالكراء؟ فيجري على قولين فيمن خير بين شيئين، وإن كان في قلعه منفعة فأقره لربه بالكراء، جاز ذلك على قول من منع أن يأخذه بقيمته مقلوعا، ويختلف فيه على من أجاز له أخذه بالقيمة، فإذا قدر أنه لم يختر الأخذ جاز، وإذا قدر أنه لما ملك أخذه ثم انتقل إلى تسليمه، لم يجز. والأول أحسن.
ومحمله فيه على أنه لم يأخذه حتى يعترف بأنه أخذه ثم انتقل إلى هذا، وعلى قول غير لا يكون له إخراجه، وإنما مقاله في الكراء، فإن كان المسمى الذي ادعى أنه اكتراها به مثل كراء المثل فأكثر، حلف الزارع وحده أنه لم يتعد ولم [ ص: 5112 ] يحرث إلا على تراض منه، وليس عليه أن يحلف على التسمية أن العقد كان به; لأن الذي ادعاه يجب إذا كان بوجه شبهة أن ذلك للذي اعترف به، وإن كان كراء المثل أكثر حلف الحارث. [ ص: 5113 ] ابن القاسم: