فصل [هل يشترط تفسير الجرح وبيان أسبابه]
اختلف في قبول الجرح جملة، من غير ذكر الوجوه التي يقع بها الجرح، على أربعة أقوال: فقيل: يقبل. وقيل: لا يقبل. قال مطرف إذا كانا ممن يعرف وجوه التجريح لم يكشفا عن غير ذلك، كان المجرح ممن هو ظاهر العدالة، أو ممن حاز بالتعديل. وقال وابن الماجشون: -في المجموعة-: إذا كان الشاهد مشهورا بالعدالة، لم يقبل ذلك حتى يبينوا جرحته ما هي؟ وإن لم يكن مشهورا بالعدالة، وإنما قبل بمن عدله قبل ذلك. وقال أشهب إذا [ ص: 5383 ] كان المجرحان مشهورين بالعدالة لم يسألا، وإن كانا غير مبرزين فليسألا. ابن كنانة:
قال الشيخ: إن فهم عنهما الوجه الذي جرحا به، وإنه مما لا يختلف فيه أنها جرحة اجتزئ بذلك. قال إذا قال إن ذكرت ذلك خفت أن أؤخذ به، قبل ذلك، أو أنه ساقط الحال مرة قبل. قال ابن شعبان: إذا قال: هو رجل سوء غير مقبول الشهادة، هي جرحة ولا يكشفوا عن أكثر من ذلك. سحنون:
قال الشيخ: وإن لم يقم أمر بين، كان عليهما أن يذكرا تلك الجرحة، لوجوه:
أحدها: أن كثيرا من الجرح يختلف فيه، فذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك جرحة، وبعضهم إلى أنه ليس بجرحة.
والثاني: أن يكون عند الشاهد من ذلك مخرج، فقد يسمع منه كلمة أو يرى فعلا له فيه تأويل، لا تسقط شهادته معه. [ ص: 5384 ]
والثالث: أن في ذلك حقا للشاهد؛ لانتهاك عرضه، وللمشهود له في إسقاط حقه، فكان من حقهما الإعذار إليهما فيما يسقط حرمة هذا وحق هذا، وبيان كل وجه يمكن أن يكون لهما فيه منفعة.