باب في المودع يخلط الوديعة بغيرها أو يخلطها غيره وهل يتسلفها أو يخرجها من ذمته بعد أن يتسلفها؟
وإن لم يكن متعديا ولا ضمان عليه إن ضاعت . خلط الوديعة وهي دنانير أو دراهم بمثلها أو بغيرها مما يتميز منها
وقال في المبسوط: إذا كانت الأولى كثيرة فخلطها بدراهم قليلة لم يضمن، وإن خلطها بمال عظيم حتى أشهرها ضمن، وهذا يحسن إذا كانت في موضع لا يظن ذلك فيه، فأما إذا كانت في تابوت أو صندوق لم يضمن; لأن السارق يقصد التماس الدنانير والدراهم من مثل ذلك لما كانت العادة أن يرفع فيها. وإن ابن الماجشون ضمن. ويختلف إذا خلطه بمثله فأجاز ذلك في المدونة ولم يره متعديا . أودع قمحا أو شعيرا فخلطه بدونه
وقال في ثمانية عبد الملك أبي زيد: هو ضامن ورأى أنه مما تختلف فيه الأغراض، فقد يكون عند المودع أنهما سواء ويرى غيره أن الوديعة أفضل، فليس للمودع أن يحكم لنفسه أنه مثله.
وقد منع في كتاب الرهن الشريك من مقاسمة المرتهن في الطعام حتى يكون السلطان هو الذي يقاسمه ، وقسمة الصبرة الواحدة [ ص: 5986 ] أخف في اختلاف الأغراض فيما يقع في القسمة من الاختلاف من خلط الطعامين ومعلوم من الناس كراهية ذلك أن يخلط قمحه أو شعيره أو زيته وغيره. ابن القاسم
وإذا كان المودع غير مأمون كان أبين أن يكون ضامنا له; لأنه يتهم أن يجد لنفسه ويخلطه بدونه.
وإذا خلط الدراهم أو الطعام بمثله ثم ضاع بعض ذلك كانا شريكين في الباقي على قدر ما لكل واحد منهما، ويتفق في هذا مالك ; لأنهما كانا شريكين قبل الضياع بوجه جائز، وإذا صحت الشركة كان الضياع بمنزلة لو كان صاحب الوديعة هو المشارك له فيها، وقد تقدم في كتاب تضمين الصناع ذكر الدينار يختلط في غيره أنه لو نظر إلى ذلك الذي اختلط فيها قبل الضياع فلم يوجد، ثم ضاع منها شيء كانا شريكين في جميعها على قدر ما لكل واحد منهما على القولين جميعا. وابن القاسم