فصل [فيمن استودع قمحا وشعيرا فخلطهما]
وإن كان ضمن لكل واحد منهما ما خلط له، فإن اختارا رفع العد أو أن يأخذاه مخلوطا ويكونان شريكين فيه- جاز ذلك عند عند رجل وديعتان: قمح وشعير، فخلطهما- ابن القاسم ومنعه وأشهب . [ ص: 5987 ] سحنون
واختلف بعد القول بجواز ذلك في صفة الشركة، فقال على القيمة. يريد: قيمة القمح معيبا والشعير غير معيب، ولم يجز أن يقتسماه على ذلك. وروى عنه ابن القاسم: أبو زيد أنه قال: وإنما يقتسمان الثمن .
قال في المدونة: ولو قال لصاحبه: أنا أغرم لك مثل حنطتك أو شعيرك وأخذه كله لم يجز .
وقال في مدونته: يكونان شريكين على السواء لا على القيم، إذا يكون القمح بالشعير متفاضلا، ألا ترى لو أن رجلين قالا: أشهب لم يجز، وإن اخلط شعيري بقمحك لتكون شركة على القيم وليس ذلك كله له في وجه القضاء، وهذا نص قوله: ولو ضمن أحدهما التعدي، وقال أحدهما : أنا أبقى على الشركة، جاز ذلك على قول قال أحدهما لصاحبه: أنا أغرم لك مثل قمحك أو شعيرك وآخذ هذا كله، جاز ذلك على وجه التراضي، إذا كان الذي ضمن هو صاحب الشعير ; لأن صاحب القمح يكون شريكا بقفيز قمح معيب، سواء كان الذي ضمن صاحب القمح- لم يكن لصاحب الشعير أن يشارك بالنصف; لأنه يأخذ أفضل من حقه إلا أن يرضى بذلك التعدي. [ ص: 5988 ] أشهب
وعلى قول يجوز أيهما ضمن; لأن الشركة على القيم وعليه يقتسمان الثمن، فجعله ابن القاسم: إذا رفعا العد بمنزلة ما لو اختلطا بأمر من الله تعالى، وكأنهما لم يختارا تضمينه قط ويصير بمنزلة ما لو خلطهما ريح أو دابة مشت عليه، فخلطته فالشركة على القيم يباع ويقتسمان الثمن على القيم القمح معيب والشعير غير معيب، ولا تجوز قسمته على القيم; لأنه ربا فلو كان لكل واحد منهما قفيز وقيمة القمح معيبا ديناران وقيمة الشعير دينار غير معيب، فلو اقتسماه على القيم أخذ صاحب القمح قفيزا وثلثا والآخر ثلثي قفيز، وإذا كان كذلك كان نصف ما في يد صاحب القمح شعيرا، وهو ثلثا قفيز أخذه عن ثلث قفيز قمح، وذلك ربا، وإنما يجوز أن يبقى بينهما على أن لهذا فيه قمحه ولهذا شعيره، ثم يباع فيأخذ كل واحد منهما ثمن شيئه. ابن القاسم
ولو كان بالخيار بين أن يكون بينهما شركة على ذلك الثلث والثلثين، أو يبقى على أن يكون كل واحد منهما باق على ملكه ، فإذا باعاه قسما الثمن على قدر قيمته يوم البيع، وإن نقص الصبغ يوم بيع أو نزل سوق الثوب كانا شريكين على قدر قيمتهما يوم البيع. سقط ثوب في صبغ صباغ وقيمة الثوب ديناران والصبغ دينار
وذهب في الطعامين أنهما لما ملكا التضمين إنما يأخذان ذلك عن الواجب في ذمة المتعدي، فلا يجوز إلا على التساوي بمنزلة ما لو كان لهما ذلك في ذمته من غير تعد فأخذاه عن الواجب في الذمة، فلا يجوز إلا على التساوي، [ ص: 5989 ] وإن أرادا قسمته جاز; لأن بيع نصف قفيز قمح بنصف قفيز شعير جائز، ولم يجبر أحدهما على أن يسلم جميعه ويأخذ مثل نصيبه فيكون قد بيع عليه ملكه بمثله جبرا. أشهب
وأما فله في منع رفع العداء ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون ذلك صار كالفائت وأن ما لهما سالم في الذمة فليس لهما أن يجبراه على أخذ هذا كما قال سحنون في كتاب ابن القاسم محمد فيمن وليس له إلا القيمة أو يكونا رفعا الضمان للشركة ليتجرا بثمنه في المستقبل، فمنع ذلك، وإن كانت الشركة في هذا على المساواة; لأنه يؤدي إلى التفاضل ويكونان بمنزلة من أخرج قفيز قمح وقفيز شعير ليتجر بثمنهما في المستقبل فيفسد، وإن دخلا على المساواة لموضع التمادي أو يكونان رفعا العداء ليقتسماه على القيمة. صبغ ثوبا متعديا أن ليس لصاحبه أن يأخذه،