باب فيمن اعترف بالسرقة طوعا أو بعد التهديد
وإذا قطع إذا تمادى على إقراره، فإن رجع وأتى بعذر لم يقطع . واختلف إذا لم يأت بعذر، هل يقال لحديث أقر الحر أنه سرق من حرز ربع دينار فصاعدا ماعز، لماعز: "هلا تركتموه" . أو لا يقال; لأن الأصل في الإقرارات ألا يقبل الرجوع عنها، ولأن قوله - صلى الله عليه وسلم - محتمل أن يريد بتركه ليسأله هل له عذر، والأول أبين; لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزد على ذلك، ولأنه وقت الحاجة إلى بيان الحكم، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، وهذا إذا لم يعين السرقة ولا المسروق منه أو عينه ولم يعين السرقة. "ألا تركتموه".
واختلف إذا عينها، فظاهر قوله في المدونة أنه يقال ; لأنه لم يفرق بين أن يكون عين أو لا، وقد قال في العتبية: لا يقبل رجوعه إذا عين . ولم يفرق بين عرض ولا عين، وروي عن ابن القاسم أنه قال: ليس في الدنانير تعيين. يريد، أن التعيين إنما يثبت القطع فيما تعرف عينه وهو المتاع [ ص: 6120 ] وما أشبهه دون العين والمكيل والموزون، والقياس أن لا فرق بين أن يعين، أو يقول: استهلكت ذلك، إلا أن تشهد البينة على عين المتاع أنه للمسروق منه، فإن لم تشهد بذلك بينة كان الجواب عن الجميع واحدا، فإن قيل: إنه إذا أقر أخذ المتاع بإقراره، ولم يصح رجوعه عنه، لم يصح أن يسقط القطع; لأنه حكم واحد فلا يتبعض، فيكون صادقا في أخذ المتاع كاذبا فلا يقطع . قيل: وكذلك إذا عين الدنانير وقال: استهلكت المتاع، تؤخذ منه الدنانير، ويغرم قيمة المتاع إذا كان موسرا، ولا خلاف في ذلك; لأنه لا يصح رجوعه في حق المقر له فلا يتبعض إذا الحكم، فيغرم ويسقط القطع. ابن القاسم