فصل [فيما إذا صحت التوبة سقط حق الله في العقوبات ولم يسقط حق الآدميين]
فيغرمون ما أخذوه من مال، ويقتص منهم، ويعود القتل حقا لأولياء القتيل حسبما كان لو قتل في غير حرابة، فيكون بالخيار بين القتل، أو العفو وأخذ الدية، وإذا أحبوا القتل، قتلوا على صفة القتلة الأولى بسيف كان أو بخنق أو بحجر. وإذا صحت التوبة، سقط ما كان يجب لله سبحانه من العقوبات الأربع، ولم تسقط حقوق الآدميين،
وإن كان عبدا وعفوا، كانت جنايته في رقبته، وإذا لم يتب وأقيم عليه الحد فلا يتبع إذا كان معسرا، كالسرقة إذا قطع وهو معسر. قال محمد: وإذا قطع أو نفي لم يتبع . وليس ذلك بالبين إذا نفي ولم يقطع.
وأرى أن يتبع، قياسا على وإن جرحوا لم يقتص منهم، وإنما هو قطع أو قتل، وكذلك إذا قتلوا، الأمر إلى الإمام، وليس لولي القتيل عفو، ولا قود. وإن رأى الإمام ألا يقتلهم، ومكن أولياء القتيل منهم فعفوا- لم يجز عفوهم، ونقض فعل الإمام واقتص منهم، وهذا إذا قتلوا على وجه الحرابة. الزاني إذا اغتصب امرأة، فإنه يضرب ويغرم الصداق،
واختلف إذا قتلوا على غيلة، ورأى الإمام أن يمكن أولياء القتيل منهم، [ ص: 6148 ] فعفوا على مال أو بغير مال ، فقال ذلك ماض، فإن ولي قاض آخر لم ينقضه، وهو حكم مضى; لأنه مما اختلف الناس فيه . وذكر ابن القاسم: محمد عن أنه أجاز فعل الحاكم إذا أسلم إلى أولياء القتيل في الحرابة، وعن ابن القاسم إن الحكم بذلك ينقض كالذي قاله أشهب: في العتبية. ابن القاسم
واختلف إذا هل يقتص ممن لم يقتل منهم أو يؤخذ المال ممن لم يأخذه؟ فقال تابوا وكانوا أخذوا المال وقتلوا، في المدونة إذا قتل واحد إلا أنهم كانوا أعوانا له في ذلك: يقتلون كلهم. قال: وقد ذكر عن ابن القاسم - رضي الله عنه - أنه قال: "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به" . قال عمر وإن مالك: وقد أخذ أحدهم حصته من ذلك المال، غرم جميع المال . أخذ المال من جميع القوم رجل واحد، والآخرون وقوف إلا أنه بهم قوي، ثم تابوا
وقال في كتاب أشهب محمد: لا يقتل إلا القاتل وحده، أو معين، أو ممسك أمسكه له وهو يعلم أنه يريد قتله، وأما غيرهم فإنه يضرب كل واحد منهم مائة ويحبس سنة، وأما قول - رضي الله عنه - فإنهم كانوا قتلوه غيلة . وقال [ ص: 6149 ] عمر إن كانوا لا يقدرون على ذلك إلا بالتعاون وبالكثرة فمن أخذ منهم، كان عليه جميع ما ذهب، وإن كان موضعا يقوى عليه الواحد والاثنان، فيلزمه ما يلزمه مع جماعتهم . [ ص: 6150 ] عبد الملك بن الماجشون: