فصل في الخلاف هل الخطبتان معا فرض أو واحدة
واختلف بعد القول أن الخطبة فرض، فقيل: الفرض أن يأتي بخطبتين، فإن خطب واحدة لم تجزئهم، وأعادوا الجمعة، وكذلك إذا خطب خطبتين ولم يخطب من الثانية ما له من الكلام قدر وبال لم تجزئهم، وهو قول ابن القاسم.
وقال [ ص: 584 ] في كتاب مالك من ابن حبيب: فإن نسي الثانية أو أحصر عنها، فتركها فالأولى تكفيهم، ولو لم يكن أيضا أتمها، إلا أنه أثنى على الله -عز وجل- وتشهد، أو أمر أو نهى أو وعظ وقال خيرا وإن كان خفيفا جدا، فذلك يجزئ عنه، قال: وإن أحصر أيضا في الثناء على الله -عز وجل- والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى نزل، فذلك يجزئه، ولا يبالي أصابه ذلك في الأولى أو في الثانية. السنة أن يخطب الإمام خطبتين،
قال الشيخ: وأرى أن تجزئ الخطبة الواحدة، وألا يجزئ من ذلك إلا ما له قدر وبال; لأن الشيء اليسير في معنى العدم.
وقال ابن حبيب: قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أن يقرأ في خطبته وليقصر الخطبتين، والثانية أقصرهما، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا إلى قوله فاز فوزا عظيما [الأحزاب: 70] وينبغي، أن يقرأ في الخطبة الأولى بسورة تامة من قصار المفصل، وكان يقرأ تارة عمر بن عبد العزيز ألهاكم التكاثر وتارة والعصر .