باب في زكاة العروض
ولا زكاة في عروض القنية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة" اجتمع عليه الموطأ، ومسلم. ولا زكاة في ثمنهم حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه. والبخاري، فإذا بيعت زكى الثمن إذا حال عليه الحول، من يوم ملك أصل المال التي اشتريت به تلك العروض. ولا زكاة في عروض التجارة قبل البيع،
قال الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب والفضة سلعة للتجارة، ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول- أنه لا زكاة عليه فيها حتى يبيعها. مالك:
* واختلف إن هو زكاها قبل البيع، هل يجزئه ذلك أم لا؟
وهي: والزكاة تجب في عروض التجارة بأربعة شروط،
أن يكون ملكه إياها بشراء لا بميراث، ولا بهبة، ولا صدقة.
وأن يكون ثمنها عينا: ذهبا أو فضة. [ ص: 884 ]
وقد نقد ثمنها قبل بيعها.
وأن يعود الثمن عينا: ذهبا، أو فضة.
فإن ورثها، أو وهبت له، أو تصدق عليه بها، أو استقرضها لم تنفع فيه نية التجارة، ولم يجب في ثمنها إن بيعت بعين زكاة; لأن الأصل في الزكاة بالعين. فإن اشترى بعين، ثم باع بعين; زكى على الأصل الأول. وإذا كان أصل العرض ميراثا، أو ما أشبه ذلك، ثم بيع بعين- لم تجب فيه زكاة; لأنه لا يرده إلى أصل وجبت فيه الزكاة.
واختلف إذا اشتراه على عين عنده فلم ينقده حتى باع بربح، أو اشتراه بعرض كان عنده للقنية، أو بميراث، أو اشتراه بعين، فزكى عن قيمته قبل أن يبيعه. فقال مالك في كتاب محمد فيمن اشترى على عين عنده فلم ينقده حتى باع بربح: يزكي الربح على أصل المال، بمنزلة لو نقد. قال: ولو لم يكن عنده الثمن لكان الربح فائدة.
وقال مرة: حول الربح من يوم اشترى تلك السلعة. وقال أيضا: يستأنف به حولا من يوم باع تلك السلعة.
فوجه الأول: أن المال كان سبب ذلك الربح، ويمكن أن يكون لو لم يكن عنده لم يشترها. [ ص: 885 ]
ووجه الثاني: أنه إنما يكون ربح المال منه بمنزلة الولادة إذا تجر فيه، وحركه، وصار إلى غيره، ثم باع ما أخذ بالمعاوضة عنه، فإذا كان ذلك المال قائم العين لم يخرج من يده، علم أنه لم يربح فيه، وهذا هو القياس، وصار بمنزلة من اشترى على ذمته.
ووجه القول أن حول الربح من يوم اشترى تلك السلعة; لأنها سلعة اشتريت للتجارة، وربح المال منه بمنزلة الولادة، فوجب أن يكون حوله من يوم ملك تلك السلعة.
ووجه القول الثالث: أنه يستأنف بالربح حولا من يوم ربح; لأن حكم الأرباح حكم الأصول التي كان عنها ذلك الربح، وأصل الربح في هذه المسألة سلعة، ولا زكاة في السلع، أو ذمة الذي اشترى عليها، ولا زكاة في الذمم.
وإذا لم تجب في الأصل زكاة كان الربح فائدة، وهذا القول هو أصل المذهب وعمدته.
وأما القول بزكاتها من يوم اشترى تلك السلعة فجنوح إلى قول من قال: إن العروض تزكى. ويختلف على هذا إذا اشترى سلعة بعين وهو فقير، ثم باع بربح، هل يكون حول الربح من يوم اشترى، أو من يوم صار إليه الربح؟ ومثله لو كان موسرا، فاشترى سلعة بثمن إلى أجل، ومن نيته أن ينقد فيها من [ ص: 886 ] ثمنها الذي يبيعها به لا من ناض عنده، أو ينقد من ثمن سلعة عنده للقنية، فلا يكون حول الربح حول ما عنده من الناض.
ويختلف هل يكون حوله من يوم اشترى، أو من يوم ربح؟.
في كتاب ولمالك في رجل اشترى سلعة بمائتي دينار، فنقد فيها أربعين دينارا ليس له غيرها، ثم باعها بعد الحول بثلاثمائة، قال: يزكي الأربعين وما قابلها من الربح، وما بقي فهو فائدة. ابن سحنون،