فصل [في تقليد الهدي وإشعاره]
إذا سيق عن وصم في حج أو عمرة ، فإن أفلس أو مات لم يكن لغرمائه ، ولا لورثته عليه سبيل يريد : لأن الدين طرأ بعد التقليد ، ولو كان دينا تقدم التقليد لرد . الهدي يجب بالتقليد والإشعار
ويختلف إذا كان نذرا أو تطوعا ، فالمعروف من المذهب أنه كالأول يسقط ملك صاحبه عنه بالتقليد والإشعار ، وقال في امرأة ساقت هديا [ ص: 1240 ] تطوعا في عمرة ، ثم أردفت الحج وأوقفته ، ونحرته بمنى عن قرانها : يجزئها . فلم يوجبه بالتقليد والإشعار ، ولو وجب وسقط ملكها عنه ما صح أن يجزئها عن واجب . وإذا سيق الهدي عن واجب لا تبرأ الذمة إلا ببلوغه ؛ لقول الله تعالى : هديا بالغ الكعبة [المائدة : 95] . فإن ضل أو سرق أو هلك أو عطب قبل بلوغه لم يجزئه .
واختلف إذا نزل به عيب ، ثم بلغ محله ، فقال : ينحره ويجزئه . مالك
وقال : القياس ألا يجزئ . يريد قياسا على موته . والإجماع والمذهب : ألا تبرأ الذمة إلا بالتقليد والإشعار . فإن قلد وأشعر عن واجب وهو هزيل أو معيب ، فسمى هديا لم يجزئ . وكذلك إن سمن أو ذهب العيب ؛ لأنه قد أوجبه بالتقليد والإشعار . أبو بكر الأبهري
وعلى القول أن الهدي لا يجب بالتقليد والإشعار يكون له بيعه ورده . وقال : إذا عطب قبل بلوغ المحل له أن يبيعه . وتقدم قول عبد الملك أبي مصعب في العبد يستحق بعضه : أن له أن يرد ما عتق منه ، ولم يستحق ؛ لأن المهدي والمعتق لم يرد التطوع ، وإنما ظن أن ذلك يجزئه . وإن انتقل إلى حالة يجوز أن يهدي فيها أجزأه . ويختلف إذا جنى على الهدي ، فقال : يمضي هديا ويجزئه . ويرجع على الجاني بقيمة العيب ، فيجعله في هدي . وعلى قول ابن القاسم : لا يجزئ ، وعليه البدل . وله أن يغرم الجاني هديا كاملا ؛ [ ص: 1241 ] لأن المجني عليه يقول : تعديك أوجب علي غرم هدي كامل ؛ فتغرم ما أدخلتني فيه . كمن أكره محرما فحلق رأسه ، أو أكره زوجته فأصابها أن على المكره أن يكفر عن هذا بفدية الأذى ، وعلى الزوج أن يحجها ويهدي عنها ، فإن كان معسرا كفر هذا ، وحجت الزوجة ، ورجعا على الفاعل متى أيسر . أبي بكر الأبهري
وقال في الهدي يعطب في الطريق أو ينزل به عيب لا يقدر على الوصول به : ليس له أن يبيعه . وقال ابن القاسم في المبسوط : له بيعه ، وليس بهدي . إنما أراد أن يقضي به هديا عليه ، فلم يبلغ ، ولم يكن هديا . وقال ابن الماجشون : إلا أن ابن حبيب كره أن يبيعه . مالكا