فصل [في مقدار ما يفرض من الجزية]  
وأما قدرها ، فقال  مالك  في كتاب محمد   : جزية الجماجم على ما فرض  عمر   - رضي الله عنه - على أهل الذهب : أربعة دنانير ، وعلى أهل الورق : أربعون درهما ، ولا يزاد ، وإن كثر يسرهم . 
واختلف هل ينقص الفقير ، فقال محمد   : روى  أصبغ  عن  ابن القاسم  ، أنه قال : لا ينقص . 
وأباه  أصبغ  إذا كان منهم من لا يحمل ذلك لإقلاله ، قال : وكتب  عمر   - رضي الله عنه - أن خففوا عن محتاجهم ، ثم إن احتاجوا فاطرحوها عنهم ، ثم إن احتاجوا فأنفقوا عليهم وأسلفوهم من بيت المال  . 
وقال  ابن الماجشون  في كتاب  ابن حبيب   : لا تؤخذ الجزية من الفقير   .  [ ص: 1453 ] 
وهو أحسن للحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر  معاذا   - رضي الله عنه - أن يأخذ من كل حالم دينارا  . يريد : محتلما . 
وأمر  عمر   - رضي الله عنه - بأربعة دنانير ، فثبت أنها تختلف باختلاف حالهم من الغنى والفقر . وإنما لم ير مالك أن يزاد على ما فعل  عمر   - رضي الله عنه - ، أنه فرض مع الدنانير أرزاق المسلمين مدين من الحنطة على كل نفس في الشهر ، مع ثلاثة أقساط زيت ممن كان بالشام  والجزيرة   . 
وعلى من كان من أهل مصر  إردب من حنطة في كل شهر ، قال : ولا أدري كم من الودك والعسل ، وعليهم من الكسوة التي كان  عمر  يكسو الناس ، وعليهم أن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثة أيام . 
وعلى أهل العراق  خمسة عشر صاعا كل شهر على كل رجل مع كسوة معروفة ، ولا أدري كم كان قدرها ، كان  عمر  يكسوها الناس ، وأربعة دنانير يسد به فيما كان عليهم من الطعام والإدام والكسوة والضيافة . 
فإن زيد اليوم عليهم من الذهب والورق ما بينهم وبين ما كان عليهم من سوى العين ؛ لم يخرج فاعله من قضاء  عمر   .  [ ص: 1454 ] 
وقال  مالك   : أرى أن يوضع اليوم عنهم من الضيافة والأرزاق لما أحدث عليهم من الجور . 
ولا أرى أن يوضع عنهم اليوم بالمغرب  ؛ لأنه لا جور عليهم . 
وكل هذا فيمن استحيي من أهل العنوة أو حربي قدم ليقيم ، ويكون ذمة . 
وقال  مالك  في كتاب محمد  فيمن أقبل من العدو إلى بلاد الإسلام فسكنها : تضرب عليه الجزية ، وهو بالخيار : إن شاء أقام على الجزية ، وإن شاء رجع إلى بلده ، قال  ابن القاسم  خيره : وأنا أستحسن ذلك . 
قال محمد   : إنما يكون بالخيار قبل أن يلتزم الجزية ، فأما إن اختار الجزية ، وألزم نفسه ذمة الإسلام- لم يمكن من الرجوع . 
قال : وكذلك العبد النصراني يعتقه النصراني ، فتلزمه الجزية كما تلزم مولاه . وليس له الخروج من ذلك ، كما ليس ذلك للذي أعتقه ، وإن أعتقه مسلم لم تكن عليه جزية ، وليس له الرجوع إلى دار الكفر . يريد : خوفا من أن يخبر بثغرة تكون في بلاد الإسلام . 
ولو أراد  الذمي أن ينتقل بعد ضرب الجزية إلى بلد آخر من بلاد المسلمين  ، تكون له ذمة بالبلد الآخر ، وتضرب عليه الجزية لم يمنع . 
				
						
						
