فصل [فيمن نذر أن يحج غيره]
ومن لزمه أن يحجه من ماله، إلا أن يأبى ذلك الرجل، ولا حج على القائل. وإن قال: أنا أحج بفلان، حجا جميعا، فيحج القائل راكبا ويحج بالرجل، إلا أن يأبى فيلزمه الحج بقوله: أنا أحج، ولزمه أن يحج الرجل لقوله بفلان. قال: أنا أحج فلانا في يمين، فحنث;
وإن ، كان الجواب فيه على ثلاثة أوجه: فتارة يحج القائل وحده، وتارة يحج المقول له وحده، وتارة يحجان جميعا. [ ص: 1655 ] قال: أنا أحمل فلانا إلى بيت الله في يمين، فحنث
فقال : إن نوى حمله على عنقه; حج القائل ماشيا ويهدي، ولا شيء عليه في الرجل. وإن نوى أن يحجه من ماله; فعل ذلك، إلا أن يأبى، ولا شيء عليه في نفسه. وإن لم تكن له نية; حج راكبا، وحج بالرجل معه ، ولا هدي عليه . مالك
وليس هذا الوجه بالبين; لأنه لا يخلو أن يحمل قوله على حمله بنفسه، فيكون عليه أن يحج ماشيا، ولا شيء عليه في الرجل. أو يحمل على حمله من ماله، فيحجه إلا أن يأبى، ولا شيء عليه في نفسه أو يقال: إن ذلك محتمل الوجهين جميعا، ويؤخذ فيه بالأحوط، فيحج هو ماشيا، ويحج الرجل من ماله راكبا.
وأرى أن يحمل قوله على حمله من ماله; لأنه ليس العادة أن يقصد حمله على عنقه، ويقصدون الحمل من المال، وقد "حملت على فرس في سبيل الله – عز وجل -فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه. . عمر: ." الحديث . وقال الله تعالى: قال ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم [التوبة: 92] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث . ولو قال: أنا أحج فلانا، أو أحج به، أو أحمله في غير يمين، لكانت عدات فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل. [ ص: 1656 ] "والله لا أحملكم، ثم قال: ما حملتكم بل الله حملكم. . ."
وقال في الرجل يقول: أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله، أو هذه الطنفسة: إنه يحج ماشيا، ويهدي . مالك
وقال محمد : إن كان ذلك الشيء مما يقوى على حمله; خرج راكبا حاجا أو معتمرا، ولا شيء عليه فيما ترك من حمل ذلك.
وحمل قوله ذلك: أنه يريد أن يحمله وهو راكب.
وقول : أنه يخرج ماشيا استحسان; لأنه نذر معصية، ولا يجوز أن ينذر لله شيئا من ذلك. ولو كان ممن يجهل ويظن أن في ذلك طاعة، لم يلزمه شيء. مالك
وقد قال فيمن قال: علي السير ابن القاسم إلى مكة: لا شيء عليه.
وفي قال البخاري - رضي الله عنه -: ابن عباس أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا، فليتكلم، ويقعد ويستظل ويصم" فأمره أن يوفي بما كان طاعة، ولم يجعل عليه فيما سوى ذلك شيئا; لأنه كان يظن أن لله في ذلك طاعة، ولو علم لكان نذرا في معصية، ويؤمر أن يتقرب إلى الله بطاعة. [ ص: 1657 ] "بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: