الثالث أن : يقدم من الألوان ألطفها حتى يستوفي منها من يريد ولا يكثر الأكل بعده، وعادة المترفين تقديم الغليظ ليستأنف حركة الشهوة بمصادفة اللطيف بعده وهو خلاف السنة فإنه حيلة في استكثار الأكل .
وكان من سنة المتقدمين أن يقوموا جملة الألوان دفعة واحدة ويصففون القصاع من الطعام على المائدة ليأكل كل واحد مما يشتهي .
وإن لم يكن عنده إلا لون واحد ذكره ليستوفوا منه ولا ينتظروا أطيب منه .
ويحكى عن بعض أصحاب المروءات أنه كان يكتب نسخة بما يستحضر من الألوان ويعرض على الضيفان .
وقال بعض الشيوخ : قدم إلي بعض المشايخ لونا بالشام فقلت عندنا بالعراق إنما يقدم هذا آخرا فقال وكذا عندنا : بالشام ولم يكن له لون غيره فخجلت منه .
وقال آخر : كنا جماعة في ضيافة فقدم إلينا ألوان من الرءوس المشوية طبيخا وقديدا فكنا لا نأكل ننتظر بعدها لونا أو حملا فجاءنا بالطست ولم يقدم غيرها فنظر بعضنا إلى بعض ، فقال بعض الشيوخ : وكان مزاحا إن الله تعالى يقدر أن يخلق رءوسا بلا أبدان ، قال : وبتنا تلك الليلة جياعا نطلب فتيتا إلى السحور .
فلهذا يستحب أن يقدم الجميع أو يخبر بما عنده .