أما فهي ثلاثة أقسام : أرضية كالاستدلال بالجبال والقرى والأنهار . أدلة القبلة
وهوائية ، كالاستدلال بالرياح شمالها وجنوبها وصباها ودبورها .
وسماوية وهي النجوم .
فأما الأرضية والهوائية فتختلف باختلاف البلاد فرب طريق فيه جبل مرتفع يعلم أنه على يمين المستقبل أو شماله أو ورائه أو قدامه فليعلم ذلك وليفهمه .
وكذلك الرياح قد تدل في بعض البلاد فليفهم ذلك .
ولسنا نقدر على استقصاء ذلك إذ لكل بلد وإقليم حكم آخر .
وأما السماوية فأدلتها تنقسم إلى : نهارية وإلى ليلية .
أما النهارية فالشمس فلا بد أن يراعى قبل الخروج من البلد أن الشمس عند الزوال أين تقع منه أهي بين الحاجبين أو على العين اليمنى أو اليسرى ، أو تميل إلى الجبين ميلا أكثر من ذلك ، فإن الشمس لا تعدو في البلاد الشمالية هذه المواقع .
فإذا حفظ ذلك فمهما عرف الزوال بدليله الذي سنذكره عرف القبلة به .
وكذلك يراعى مواقع الشمس منه وقت العصر .
فإنه في هذين الوقتين يحتاج إلى القبلة بالضرورة .
وهذا أيضا لما كان يختلف بالبلاد فليس يمكن استقصاؤه .
وأما القبلة وقت المغرب فإنها تدرك بموضع الغروب .
وذلك بأن يحفظ أن الشمس تغرب عن يمين المستقبل أو هي مائلة إلى وجهه أو قفاه .
وبالشفق أيضا تعرف القبلة للعشاء الأخيرة .
وبمشرق الشمس تعرف القبلة لصلاة الصبح .
فكأن الشمس تدل على القبلة في الصلوات الخمس ، ولكن يختلف ذلك بالشتاء والصيف .
فإن المشارق والمغارب كثيرة وإن كانت محصورة في جهتين فلا بد من تعلم ذلك أيضا .
ولكن قد يصلي المغرب والعشاء بعد غيبوبة الشفق فلا يمكنه أن يستدل على القبلة به .
فعليه أن يراعي موضع القطب .
وهو الكوكب الذي يقال : له الجدي فإنه كوكب كالثابت لا تظهر حركته عن موضعه وذلك إما أن يكون على قفا المستقبل أو على منكبه الأيمن من ظهره أو منكبه الأيسر في البلاد الشمالية من مكة .
وفي البلاد الجنوبية كاليمن وما والاها فيقع في مقابلة المستقبل فيتعلم ذلك وما عرفه في بلده فليعول عليه في الطريق كله إلا إذا طال السفر فإن المسافة إذ بعدت اختلف موقع الشمس وموقع القطب وموقع المشارق والمغارب إلا أن ينتهي في أثناء سفره إلى بلاد ، فينبغي أن يسأل أهل البصيرة .
أو يراقب هذه الكواكب وهو مستقبل محراب جامع البلد حتى يتضح له ذلك .