الباب الرابع .
في أمر الأمراء والسلاطين ونهيهم عن المنكر .
قد ذكرنا وأن أوله التعريف وثانيه الوعظ وثالثه التخشين في القول، ورابعه المنع بالقهر في الحمل على الحق بالضرب والعقوبة . درجات الأمر بالمعروف
والجائز من جملة ذلك مع السلاطين الرتبتان الأوليان وهما التعريف والوعظ .
وأما المنع بالقهر فليس ذلك لآحاد الرعية مع السلطان ، فإن ذلك يحرك الفتنة ويهيج الشر ويكون ما يتولد منه من المحذور أكثر ، وأما التخشين في القول كقوله : يا ظالم يا من لا يخاف الله وما يجري مجراه فذلك إن كان يحرك فتنة يتعدى شرها إلى غيره لم يجز ، وإن كان لا يخاف إلا على نفسه فهو جائز بل مندوب إليه .
فلقد كان من عادة السلف التعرض للأخطار والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المهجة والتعرض لأنواع العذاب لعلمهم بأن ذلك شهادة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب ثم رجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله تعالى ، فقتله على ذلك .
وقال صلى الله عليه وسلم : . أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، فقال: عمر بن الخطاب قرن من حديد لا تأخذه في الله لومة لائم وتركه قوله الحق ما له من صديق .