فإن الأكل يمنع من كثرة العبادات ; لأنه يحتاج إلى زمان يشتغل فيه بالأكل ، وربما يحتاج إلى زمان في شراء الطعام وطبخه ثم يحتاج إلى غسل اليد والخلال ثم يكثر ترداده إلى بيت الماء ؛ لكثرة شربه والأوقات المصروفة إلى هذا لو صرفها إلى الذكر والمناجاة وسائر العبادات لكثر ربحه قال السري رأيت مع علي الجرجاني سويقا يستف منه ، فقلت ما حملك على هذا ? قال : إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة ، فما مضغت الخبز منذ أربعين سنة فانظر كيف أشفق على وقته ولم يضيعه في المضغ وكل نفس من العمر جوهرة نفيسة ، لا قيمة لها فينبغي أن يستوفى منه خزانة باقية في الآخرة ، لا آخر لها ، وذلك بصرفه إلى ذكر الله وطاعته . الفائدة السابعة : تيسير المواظبة على العبادة
ومن جملة ما يتعذر بكثرة الأكل الدوام على الطهارة ، وملازمة المسجد ، فإنه يحتاج إلى الخروج لكثرة شرب الماء .
وإراقته ومن جملته الصوم ؛ فإنه يتيسر لمن تعود الجوع فالصوم ودوام الاعتكاف ودوام الطهارة وصرف أوقات شغله بالأكل وأسبابه إلى العبادة أرباح كثيرة وإنما يستحقرها الغافلون الذين لم يعرفوا قدر الدين ، لكن رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون .
وقد أشار إلى أبو سليمان الداراني ، فقال : من شبع دخل عليه ست آفات فقد حلاوة المناجاة وتعذر ، حفظ الحكمة وحرمان ، الشفقة على الخلق ; لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع وثقل ، العبادة وزيادة الشهوات وأن ، سائر المؤمنين يدورون حول المساجد والشباع يدورون حول المزابل . ست آفات من الشبع