إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره ، وعن عزم يتبعه ويتلوه فيكون الندم محفوفا بطرفيه فيه أعني ثمرته ومثمره وبهذا الاعتبار قيل في إنه ذوبان الحشا لما سبق من الخطأ ، فإن هذا يعرض لمجرد الألم ولذلك قيل : حد التوبة :
هو نار في القلب تلتهب وصدع في الكبد لا ينشعب
وباعتبار معنى الترك قيل في حد التوبة : إنه خلع لباس الجفاء ، ونشر بساط الوفاء وقال سهل بن عبد الله التستري التوبة تبديل الحركات المذمومة بالحركات المحمودة ولا يتم ذلك إلا بالخلوة والصمت وأكل الحلال وكأنه أشار إلى المعنى الثالث من التوبة والأقاويل في حدود التوبة لا تنحصر وإذا فهمت هذه المعاني الثلاثة وتلازمها وترتيبها عرفت أن جميع ما قيل في حدودها قاصر عن الإحاطة بجميع معانيها ، وطلب العلم بحقائق الأمور أهم من طلب الألفاظ المجردة .