وروي أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب عليه السلام أتدري لم فرقت بينك وبين ولدك يوسف ؟ قال : لا . قال لقولك لإخوته : أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ، لم خفت عليه الذئب ولم ترجني ولم نظرت إلى غفلة إخوته ولم تنظر إلى حفظي له ? وتدري لم رددته عليك ? قال : لا . قال : لأنك رجوتني ، وقلت : عسى الله أن يأتيني بهم جميعا وبما قلت اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله وكذلك لما قال يوسف لصاحب الملك : اذكرني عند ربك ، قال الله تعالى : فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين .
وأمثال هذه الحكايات لا تنحصر ولم يرد بها القرآن والأخبار ورود الأسمار بل الغرض بها الاعتبار والاستبصار ; لتعلم أن الأنبياء عليهم السلام لم يتجاوز عنهم في الذنوب الصغار ، فكيف يتجاوز عن غيرهم في الذنوب الكبار نعم كانت سعادتهما في أن عوجلوا بالعقوبة ولم يؤخروا إلى الآخرة والأشقياء يمهلون ليزدادوا إثما ولأن عذاب الآخرة أشد وأكبر فهذا أيضا مما ينبغي أن يكثر جنسه على أسماع المصرين فإنه نافع في تحريك دواعي التوبة .