النوع الرابع : ذكر ما ورد من كالخمر ، والزنا ، والسرقة ، والقتل ، والغيبة ، والكبر ، والحسد ، وكل ذلك مما لا يمكن حصره وذكره مع غير أهله وضع الدواء في غير موضعه ، بل ينبغي أن يكون العالم كالطبيب الحاذق فيستدل أولا بالنبض والسحنة ووجود الحركات على العلل الباطنة ويشتغل بعلاجها فيستدل بقرائن الأحوال على خفايا الصفات ، وليتعرض لما وقف عليه ; اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث العقوبات على آحاد الذنوب ; وقال له آخر : قال له واحد أوصني يا رسول الله ولا تكثر علي : قال : لا تغضب وقال رجل لمحمد بن واسع أوصني فقال : أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة ، قال وكيف : لي بذلك ? قال : الزم الزهد في الدنيا فكأنه صلى الله عليه وسلم توسم في السائل الأول مخايل الغضب فنهاه عنه ، وفي السائل الآخر مخايل الطمع في الناس ، وطول الأمل وتخيل أوصني يا رسول الله فقال : عليك السلام عليك باليأس مما في أيدي الناس فإن ذلك هو الغنى ، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر ، وصل صلاة مودع ، وإياك وما يعتذر منه في السائل مخايل الحرص على الدنيا وقال رجل محمد بن واسع لمعاذ أوصني فقال : كن رحيما أكن لك بالجنة زعيما فكأنه تفرس فيه آثار الفظاظة والغلظة وقال رجل : أوصني فقال : إياك والناس وعليك ، بالناس ولا بد من الناس فإن الناس هم الناس وليس كل الناس بالناس ذهب الناس وبقي النسناس وما أراهم بالناس ، بل غمسوا في ماء اليأس فكأنه تفرس فيه آفة المخالطة وأخبر عما كان هو الغالب على حاله في وقته ، وكان الغالب أذاه بالناس لإبراهيم بن أدهم أولى من أن يكون بحسب حال القائل وكتب ، والكلام على قدر حال السائل رحمه الله إلى معاوية رضي الله عنها أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه ولا تكثري فكتبت إليه من عائشة إلى عائشة سلام الله عليك ، أما بعد : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس سخط الله برضا الناس ، وكله الله إلى الناس ، والسلام عليك فانظر إلى فقهها كيف تعرضت للآفة التي تكون الولاة بصددها ، وهي مراعاة الناس ، وطلب مرضاتهم وكتبت إليه مرة أخرى : أما بعد ، فاتق الله ; فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس ، وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا ، والسلام . معاوية ،