ولا يتسع فواق الناقة لأعمال توجب الشقاوة بل هي الخواطر التي تضطرب وتخطر خطور البرق الخاطف .
وقال سهل رأيت كأني أدخلت الجنة فرأيت ثلاثمائة نبي فسألتهم : ما أخوف ما كنتم تخافون في الدنيا ؟ قالوا : سوء الخاتمة ولأجل هذا الخطر العظيم كانت الشهادة مغبوطا عليها وكان مكروها ، أما الموت فجأة فلأنه ربما يتفق عند غلبة خاطر سوء واستيلائه على القلب ، لا يخلو عن أمثاله إلا أن يدفع بالكراهة أو بنور المعرفة . موت الفجأة
وأما الشهادة فلأنها عبارة عن قبض الروح في حالة لم يبق في القلب سوى حب الله تعالى وخرج حب الدنيا والأهل والمال والولد وجميع الشهوات عن القلب ، إذ لا يهجم على صف القتال موطنا نفسه على الموت إلا حبا لله وطلبا لمرضاته وبائعا دنياه بآخرته وراضيا بالبيع الذي بايعه الله به إذ قال تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة والبائع راغب عن المبيع لا محالة ومخرج حبه عن القلب ، ومجرد حب العوض المطلوب في قلبه ومثل هذه الحالة قد يغلب على القلب في بعض الأحوال ولكن لا يتفق زهوق الروح فيها فصف القتال سبب لزهوق الروح على مثل هذه الحالة هذا فيمن ليس يقصد الغلبة والغنيمة وحسن الصيت بالشجاعة فإن من هذا حاله وإن قتل في المعركة فهو بعيد عن مثل هذه الرتبة كما دلت عليه الأخبار .