بل يقول في الوجه التاسع: هذه المعارضة تؤكد مذهبي وتقويه، وتكون حجة ثانية لي على صحة قولي. فإن احتججت علي -بأن بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو محايثا له، فقلتم: هذا معارض بقول الفيلسوف: إن الموجودين إما أن يكون أحدهما متقدما على العالم أو مقارنا له، وذلك يستلزم القول بقدم الزمان، المستلزم للقول بقدم بعض الأجسام، فأقول: إذا كانت هذه الحجة التي عارضتموني بها مستلزمة لكون بعض الأجسام قديمة، من غير أن تعين جسما، أمكن أن يكون ذلك الذي يعنونه، بأنه الجسم القديم هو الله سبحانه، كما يقوله المثبتون، وأن ذلك هو ملازم لقولنا، إنه موصوف وقائم بنفسه ونحو ذلك، فتكون هذه الحجة التي عارضتم بها، دليلا على أن الله تعالى جسم بالمعنى الذي [ ص: 402 ] ذكرتموه -الذي نقول: إنه ملازم لكونه موصوفا، وقائما بنفسه وإن نازعتم في الملازمة- وذلك يدل على صحة الحجة الأولى بالاتفاق; فإن الجسم وما يقوم به إما أن يكون مباينا لغيره، وإما أن يكون محايثا له، أو حال فيه. وهذا متفق عليه، فإنكم لا تنازعون في أن الجسم، أو ما يقوم به، إما مباينا لغيره أو محايثا له، وإذا كان موجب الحجة التي ألزمتموني إياها يلزمني; أن أقول هو جسم، وذلك يستلزم أن يكون مباينا للعالم، كان هذا الذي ألزمتموني به حجة ثانية، على أنه مباين للعالم، فأردتم معارضة كل حجة بالأخرى، ليكون ما قلتموه من تناقض الحجتين نافيا لكونه مباينا للعالم، ولكون كل جسم محدثا، فتبين أن الحجتين متعاونتان متصادقتان، وأن كل واحدة منهما تدل على أنه تعالى مباين للعالم. الله تعالى مباين للعالم-