وكذلك تسمية الجهمية لهم مشبهة مع كونهم يعتقدون [ ص: 645 ] أن الله ليس كمثله شيء في صفة من صفاته أصلا تشبيها لهم بالممثلة الذين يجعلون الله من جنس المخلوقات لما اعتقدوا أن الله موصوف بصفات الإثبات التي جاءت بها النبوات، وأما في الذم فتسمية الكفار أصنامهم الإله وتسميتهم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وما في ذلك لها من معنى الهيبة والعزة والتقدير.
وكذلك تسمية أهل البدع لأنفسهم بأسماء لا يستحقونها كما تسمي الخوارج أنفسهم المؤمنين دون بقية أهل القبلة، ويسمون دارهم دار الهجرة.
وكذلك الرافضة تسمي أهلها المؤمنين وأولياء الله دون بقية أهل القبلة.
وكذلك الجهمية ونحوها يسمون أنفسهم الموحدين ويسمون نفي الصفات توحيد الله.
[ ص: 646 ] وتسمي المعتزلة ذلك توحيدا وتسمي التكذيب بالقدر عدلا وتسمي القتال في الفتنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكذلك تسمية الصابئة لعلومهم أو أعمالهم الحكمة أو الحكمة الحقيقية أو المعارف اليقينية مع أن فيها من الجهل والشبه والضلال ما لا يحصيه إلا ذو الجلال.
وكذلك تسمية الاتحادية أنفسهم أهل الله وخاصة الله والمحققين وهم من أعظم الناس عداوة لله وأبعد [ ص: 647 ] الناس عن التحقيق.
بل قد يفعل المبطلون أعظم من ذلك كتسمية بعض الزنادقة المتفقرة المسجد إسطبل البطالين، وهذا كثير وما من اسم من هذه الأسماء الباطلة في الحمد والذم إلا ولابد لأصحابه من شبهة يشتبه فيها الشيء بغيره وتلك كلها أسماء سموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان وإنما فعلوها لنوع من الشبه التي هي قياس فاسد كشبه فيمن يسمي الحق باسم الباطل والباطل باسم الحق. الجهمية وقياسهم أنه لو كان لله صفات لازمة لكان مفتقرا إلى غيره؛ فسموه لأجل ما هو به مستحق الحمد والثناء والمجد وهو الغني الصمد؛ سموه لأجل ذلك مفتقرا إلى الغير، وهذا منهم باطل ما أنزل الله به من سلطان .