وأما قوله: إن هذا محال؛ لأنه لو كان كذلك لما ترجح وجود ذلك الاختصاص إلا بجعل جاعل، وتخصيص مخصص، وما كان كذلك فالفاعل متقدم عليه، فيلزم أن لا يكون حصول ذات الله في الحيز أزليا؛ لأن ما تأخر عن الغير لا يكون أزليا، يقال له أما اختصاصه بحيز دون حيز فهو الذي يفتقر إلى جعل جاعل، وأما كالقدرة والفعل، فإن القدرة على كل شيء من لوازم ذاته، وأما تخصيص بعض المقدورات فتتبع مشيئته واختياره، وعلى هذا فنقول: حصوله في حيز معين دون غيره بمشيئته واختياره؛ وذلك لأن هذا هو الفعل والتصرف والحركة كما يقولون إنه ما زال متكلما إذا شاء كذلك، يقولون: ما زال فاعلا بنفسه إذا شاء، وعلى هذا فحصول ذاته في الأزل يكون أزليا؛ لأنه من لوازم ذاته، لكن تعيين حيز دون حيز هو تابع لمشيئته واختياره، وذلك أن أصل التحيز فمن لوازم ذاته؛ فليس الأمر إلا مجرد كونه يفعل بنفسه ويتصرف، وتقدم الفاعل على هذا الفعل بقدم الذات كتقدم حركة اليد على حركة الخاتم لا يوجب ذلك تقدما بالزمان. الأحياز ليست أمورا [ ص: 812 ] وجودية، بل هي أمور عدمية،
وعلى هذا فيقال: الوجه الخامس: قولك: لو حصل في شيء من لكان إما أن يحصل مع وجوب أن يحصل فيه أو لا مع الوجوب، فيقال: أتريد بالوجوب وجوب الحيز المطلق أو وجوب حيز معين؟ فإن أردت الأول، فالوجوه الخمسة المذكورة لا تنفي ذلك، وإن أردت الثاني فقوله: إن هذا يلزم أن لا يكون حصول ذات الله في الحيز أزليا، يقال: هذا ممنوع. الأحياز والجهات