وهنا جوابان: فإن قيل المؤثر في ذلك التتمة الذي هو الموجب الذي يجب عنده وجود الأثر إما أن يكون حاصلا بتمامه في الأزل أو لا يكون، كان المختار أنه لم يكن حاصلا في الأزل،
أحدهما: أن يقال: لا نسلم أن وجود مفعول يتوقف على هذا المؤثر؛ بل يقال: ليس في الوجود المعروف مؤثر يجب عنده وجود الأثر وجوبا يمتنع زواله حتى يقال، فإن لم يكن لم يحصل الأثر، ولا موجب الحوادث إلا مشيئة الله تعالى، ومشيئته ليس لها نظير حتى يقاس بها، والله ليس كمثله شيء.
والثاني: أن يقال: حصوله بعد ذلك يكون لوجود شرطه أو انتفاء مانعه، وهذا التسلسل في الشروط وانتفاء الموانع ليس ممتنعا عند المنازع؛ وإنما الممتنع التسلسل في العلل التامة، التي كل علة توجب الأخرى، والأمر هنا ليس كذلك؛ بل يكون حدوث هذا الشرط موقوفا على شرط آخر، ليس علة له، ويجوز تعاقب الشروط؛ ودليل ذلك أن الحوادث اليومية موجودة، والعالم مملوء من الحوادث، فالموجب التام لكل حادث إما أن يكون حاصلا في الأزل أو لا يكون، ويعود التقسيم.
[ ص: 244 ] وغاية ما قاله هؤلاء أن هذه الحوادث تتبع حركة الفلك المتعاقبة، وليس الغرض الكلام في هذا الجواب، ليس المقصود أنهم إذا اشترطوا شروطا ولم يكن ذلك من التسلسل الممتنع، فهنا أولى.
الوجه الثاني: أن يقال: وإن كان المؤثر بتمامه حاصلا في الأزل؛ لكن لم قلتم: إنه يستحيل تخلف الأثر عنه؟.