130 - ( فصل )
[ ص: 265 ] فإن قيل : فما تقولون فيما رواه مهنا قال : سألت عن رجل أبا عبد الله ، وقد كان دخل بهما جميعا ؟ فقال : أرى أن يقرع بينهما ، قلت له يكون للنصرانية من الميراث ما للمسلمة ؟ قال : نعم ، فقلت : إنهم يقولون : للنصرانية ربع الميراث ، وللمسلمة ثلاثة أرباعه ؟ فقال : لم ؟ فقلت : لأنها أسلمت رغبة في الميراث ، قلت : ويكون الميراث بينهما سواء ؟ قال : نعم . فقد نص على القرعة بينهما ونص على قسمة الميراث بينهما على السواء ، فما فائدة القرعة ؟ ولا يقال : القرعة لأجل العدة ، حيث تعتد المطلقة عدة الطلاق ، فإنكم صرحتم بأن كل واحدة منهما تعتد بأقصى الأجلين ، ويدخل فيه أدناهما ، كما صرح به له امرأتان مسلمة ونصرانية ، فقال في مرضه : إحداكما طالق ثلاثا ، ثم أسلمت النصرانية ، ثم مات في ذلك المرض قبل أن تنقضي عدة واحدة منهما ، وعلى هذا : لا تبقى للقرعة فائدة أصلا ، فإنهما يشتركان في الميراث ، ويتساويان في العدة . القاضي
قيل : الإقراع لم يكن لأجل الميراث ، فإنه قد صرح بأنه بينهما ، وهذا على أصله ، فإن المبتوتة ترث ما دامت في العدة ، وغاية الأمر : أن يكون قد عين النصرانية بالطلاق ، ثم أسلمت في عدتها قبل الموت ، فإنها ترث ، ولو طلقهما جميعا ثم أسلمت ورثتا جميعا ، وأما القرعة : فلإخراج المطلقة ; ليتبين أنه مات وإحداهما زوجته ، والأخرى غير زوجته ، فإذا وقعت القرعة على إحداهما تبين أنها أجنبية ، وإنما ثبت لها الميراث لكون الطلاق في المرض ، والعدة تابعة للميراث وما عدا ذلك فهي فيه أجنبية ، حتى لو لم ينفق عليها من حين الطلاق إلى حين الموت ، لم يرجع في تركته بالنفقة .
فإن قيل : فهو غير متهم في حرمان النصرانية لأنه يعلم أنها لا ترث . قيل : التهمة قائمة ، لأنها يجوز أن تسلم قبل موته .
وأما قول من قال : للنصرانية ربع الميراث ، وللمسلمة ثلاث أرباعه : فلا يعرف من القائل بهذا ، ولا وجه لهذا القول ، وتعليله بكونها أسلمت رغبة في الميراث : أغرب منه والله أعلم .