ذكر نزول سورة الفتح  ومرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ظهر في ذلك من الآيات 
روى الإمام  أحمد ،   والبخاري  ،  والترمذي  ،  والنسائي ،  وابن حبان  وابن مردويه  عن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر يعني «الحديبية»  فسألته عن شيء ثلاث مرات ، فلم يرد علي ، فقلت في نفسي : ثكلتك أمك يا  ابن الخطاب ،  نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات فلم يرد عليك ، فحركت بعيري ، ثم تقدمت أمام الناس ، وخشيت أن ينزل في القرآن ، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء ، 
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها إنا فتحنا لك فتحا مبينا  ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر  
 [الفتح 1 ، 2] . 
وروى  ابن أبي شيبة  والإمام  أحمد ،  وابن سعد  ،  وأبو داود ،   وابن جرير ،   وابن المنذر ،   والحاكم   - وصححه -  وابن مردويه  ،  والبيهقي  في الدلائل ، عن مجمع بن جارية الأنصاري   - رضي الله عنه - قال : شهدنا «الحديبية»  مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إلى كراع الغميم  إذا الناس يوجفون الأباعر ، فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس ؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته عند «كراع الغميم»  
فاجتمع الناس إليه فقرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، الفتح ، فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هو فتح ؟ فقال : «أي والذي نفسي بيده إنه فتح» 
زاد ابن سعد :  فلما نزل بها جبريل  قال : ليهنئك يا رسول الله ، فلما هنأه جبريل  هنأه الناس  . 
وروى عبد الرازق  والإمام  أحمد ،   وابن أبي شيبة  ،  وعبد بن حميد ،  والشيخان  والترمذي  ،  وابن جرير ،   وابن المنذر ،   والحاكم  عن  أنس   - رضي الله عنه - قال : لما رجعنا من « الحديبية  » قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنزلت علي ضحى آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا»  [ ص: 60 ] ثلاثا - قلنا - وفي لفظ قالوا - هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت ، وفي لفظ فنزلت عليه : ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار   [الفتح 5] حتى بلغ فوزا عظيما . 
وروى  ابن أبي شيبة  ، والإمام  أحمد ،   والبخاري  في تاريخه ،  وأبو داود   والنسائي ،  وابن جرير ، وغيرهم عن  ابن مسعود  رضي الله عنه ، قال : «أقبلنا من الحديبية  » مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي ، وكان إذا أتاه اشتد عليه ، فسري عنه وبه من السرور ما شاء الله ، فأخبرنا أنه أنزل عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا . 
وروى  البيهقي  من طريق المسعودي  عن  جامع بن شداد  عن عبد الرحمن بن أبي علقمة  عن  ابن مسعود   - رضي الله عنه - قال : لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من « الحديبية  » جعلت ناقته تثقل فأنزل الله تعالى إنا فتحنا لك فتحا مبينا فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السرور ما شاء ، فأخبرنا أنها أنزلت عليه ، 
فبينا نحن ذات ليلة إذ عرس بنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من يحرسنا» ؟ فقلت أنا يا رسول الله ، فقال : «إنك تنام» ثم قال : «من يحرسنا» فقلت : 
أنا . فقال : أنت ، فحرستهم ، حتى إذا كان وجه الصبح أدركني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنك تنام ، فما استيقظت إلا بالشمس ، فلما استيقظنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله لو شاء أن لا تناموا عنها لا تناموا ، ولكنه أراد أن يكون ذلك لمن بعدكم» ، ثم قام فصنع كما كان يصنع ، ثم قال : «هكذا لمن نام أو نسي من أمتي» ثم ذهب القوم في طلبهم رواحلهم فجاءوا بهن غير راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «اذهب هاهنا» ووجهني وجها فذهبت حيث وجهني فوجدت زمامها قد التوى بشجرة ما كانت تحلها الأيدي . 
قال البيهقي : 
كذا قال المسعودي  عن  جامع بن شداد :  أن ذلك كان حين أقبلوا من الحديبية  ، ثم روى من طريق  شعبة   - وناهيك  به عن  جامع بن شداد  عن عبد الرحمن بن أبي علقمة  عن  ابن مسعود  قال : أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك  قال  البيهقي :  يحتمل أن يكون مراد المسعودي  بذكر الحديبية  تاريخ نزول السورة حين أقبلوا من الحديبية  فقط ، ثم ذكر معه حديث النوم عن الصلاة ، وحديث الراحلة ، وكانا في غزوة تبوك  قلت لم ينفرد المسعودي  بذلك ، قال  ابن أبي شيبة  في المصنف : حدثنا منذر  عن  شعبة  عن  جامع بن شداد  به ، ولا مانع من التعدد .  [ ص: 61 ] 
				
						
						
