تنبيهات
الأول : يقال لهذه العمرة قال عمرة القصاص . السهيلي - رحمه الله - تعالى - وهذا الاسم أولى بها لقوله تعالى : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص [البقرة [ ص: 196 ] 194] ورواه بسند صحيح عن عبد بن حميد وبه جزم مجاهد ، سليمان التيمي في مغازيه وهذه الآية نزلت فيها كما تقدم .
ويقال لها : فقال عمرة القضاء ، واختلف في تسميتها بذلك ، السهيلي : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاضى قريشا عليها . لأنه قضى العمرة التي صد عن البيت فيها ، فإنها لم تكن فسدت بصدهم له عن البيت ، بل كانت عمرة تامة متقبلة ، حتى إنهم حين حلقوا شعورهم بالحل احتملتها الريح فألقتها بالحرم ، فهي معدودة في عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - زاد القاضي : فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الصلح ، ولذلك يقال لها عمرة القضية .
قال أهل اللغة : قاضى فلان فلانا : عاهده ، وقاضاه : عاوضه ، فيحتمل تسميتها بالأمرين ، ويرجح الثاني تسميتها قصاصا .
وقال آخرون : بل كانت قضاء عن العمرة الأولى ، وعد في العمر لثبوت الأجر فيها لا لأنها كملت ، وهذا خلاف مبني على الاختلاف في وجوب عمرة الحديبية فقال الجمهور : يجب عليه الهدي ، ولا قضاء عليه . القضاء على من اعتمر فصد عن البيت .
وعن الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - تعالى - عكسه ، وعن رواية : أنه لا يلزمه هدي ولا قضاء وأخرى أنه يلزمه الهدي والقضاء ، وبيان حجج كل ليس من غرضنا . الإمام أحمد
وقال ابن إسحاق : تسمى أيضا اه . عمرة الصلح
فتحصل من أسمائها أربعة : القضاء ، والقضية ، والقصاص والصلح .
الثاني : وجهوا كون هذه العمرة غزوة بأن ذكر في المغازي عن موسى بن عقبة أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج مستعدا بالسلاح والمقاتلة خشية أن يقع من ابن شهاب قريش غدر ، ولا يلزم من إطلاق الغزوة وقوع المقاتلة .
وقال - رحمه الله تعالى - في الجامع : هذه العمرة ليست من الغزوات ، وذكرها ابن الأثير في الغزوات حيث تضمنت ذكر المصالحة مع المشركين . البخاري
الثالث : قال ابن هشام - رحمه الله تعالى - قوله : «نحن قتلناكم على تأويله” إلى آخر الأبيات في غير هذا اليوم ، قال لعمار بن ياسر السهيلي : يعني يوم صفين . قال ابن هشام :
والدليل على ذلك أن إنما أراد المشركين ، والمشركون لم يقروا بالتنزيل ، وإنما يقاتل على التأويل من أقر بالتنزل . قال في البداية : وفيما قاله ابن رواحة ابن هشام نظر ، فإن روى من غير وجه عن البيهقي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : أنس مكة في عمرة القضاء مشى بين يديه وفي رواية وهو آخذ بغرزه عبد الله بن رواحة وهو يقول . [ ص: 197 ] لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الأبيات السابقة . ورواه عن يزيد بن أسلم - كما سبق - وقد تابع على ذلك ابن إسحاق ابن عقبة وغيره ، وقال الحافظ - رحمه الله تعالى - إذا ثبتت الرواية فلا مانع من إطلاق ذلك ، فإن التقدير على رأي ابن هشام : نحن ضربناكم على تأويله أي حتى تذعنوا إلى ذلك التأويل ، ويجوز أن يكون التقدير : نحن ضربناكم على تأويل ما فهمنا منه حتى تدخلوا فيما دخلنا فيه ، وإذا كان ذلك محتملا ، وثبتت الرواية سقط الاعتراض . نعم الرواية التي جاء فيها .
«فاليوم نضربكم على تأويله” يظهر أنه قول ويبعد أن يكون من قول عمار ، لأنه لم يقع في عمرة القضاء ضرب ولا قتال ، وصحيح الرواية . ابن رواحة ،
«نحن ضربناكم على تأويله . كما ضربناكم على تنزيله .
يشير بكل منهما إلى ما مضى ، ولا مانع من أن يتمثل بهذا الرجز ويقول هذه اللفظة ، ومعنى قوله : «نضربكم على تأويله” أي الآن ، وجاز تسكين الباء لضرورة الشعر ، بل هي لغة قرئ بها في المشهور . عمار بن ياسر
الرابع : قال الحافظ أبو عيسى الترمذي - رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر رجز ثم قال : وفي غير هذا الحديث أن هذه القصة ابن رواحة ، لكعب بن مالك ، وهو الأصح ، لأن قتل بمؤتة ، وكانت عمرة القضاء بعد ذلك ، قال الحافظ - رحمه الله - وهو ذهول شديد ، وغلط مردود ، وما أدري كيف وقع عبد الله بن رواحة في ذلك ، ومع أن في قصة عمرة القضاء الترمذي جعفر وأخيه ، ، علي في بنت وزيد بن حارثة حمزة ، أي كما سبق اختصام وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد ، فكيف يخفى على مثل هذا . ثم وجدت عند بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس : أن ذلك كانت في فتح الترمذي مكة . فإن كان كذلك اتجه اعتراض لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ، على ما تقدم . قلت : الترمذي
وكذلك رأيته في عدة نسخ من جامع الترمذي .
الخامس : مجيء سهيل ، وحويطب يطلبان رحيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف النهار ، الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل في أوائل النهار ، فلم تكمل الثلاث إلا في مثل ذلك الوقت من النهار الرابع الذي دخل فيه بالتلفيق ، وكان مجيئهم في أول النهار قريب مجيء ذلك الوقت .
السادس : «قول ابنة حمزة يا عم كأنها خاطبت النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك إجلالا ، وإلا فهو ابن عمها ، أو بالنسبة إلى كون - وإن كان عمه من النسب - فهو أخوه من الرضاعة . حمزة
وكانت خصومة وجعفر ، وزيد في ابنة علي بعد أن قدموا حمزة المدينة ، كما صح ذلك من حديث عند أحمد ، والحاكم . علي
السابع : أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا على أخذها من مكة مع اشتراط المشركين ألا يخرج . [ ص: 198 ]
بأحد من أهلها أراد الخروج ، لأنهم لم يطلبوها ، وأيضا فإن النساء المؤمنات لم يدخلن في ذلك ، لكن إنما نزل القرآن بعد رجوعهم إلى المدينة .