روى من طريق البيهقي عن يونس بن بكير رحمه الله تعالى قال: إن ابن إسحاق عبد المطلب أخذ بيد ابنه عبد الله فمر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله؟ فقال مع أبي.
فقالت لك عندي من الإبل مثل الذي نحرت عنك وقع علي الآن فقال لها: إني مع أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه ولا أريد أن أعصيه شيئا. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ووهب يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف، وهي يومئذ أفضل امرأة من قريش نسبا وموضعا. فذكروا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه، فوقع عليها عبد الله فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج فمر على تلك المرأة التي قالت له ما قالت فلم تقل شيئا، فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت بالأمس؟ فقالت: فارقك النور الذي معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة.
وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية واتبع الكتب يقول: إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل . فقالت في ذلك شعرا واسمها أم قتال:
الآن وقد ضيعت ما كنت قادرا عليه وفارقك النور الذي جاءني بكا غدوت علينا حافلا فلا قد بذلته
هناك لغيري فالحقن بشأنكا ولا تحسبني اليوم خلوا وليتني
أصبت جنينا منك يا عبد داركا ولكن ذا كم صار في آل زهرة
به يدعم الله البرية ناسكا
عليك بآل زهرة حيث كانوا وآمنة التي حملت غلاما
ترى المهدي حين ترى عليها ونورا قد تقدمه أماما
فكل الخلق يرجوه جميعا يسود الناس مهتديا إماما
براه الله من نور صفاء فأذهب نوره عنا الظلاما
وذلك صنع ربي إذ حماه إذا ما سار يوما أو أقاما
فيهدي أهل مكة بعد كفر ويفرض بعد ذلكم الصياما
روى أبو نعيم والخرائطي من طريق وابن عساكر عن عطاء ابن عباس ، والبيهقي ، وأبو نعيم عن وابن عساكر عكرمة عنه، وابن سعد، عن أبي الفياض الخثعمي وابن سعد، عن أبي يزيد المديني، أن عبد المطلب لما خرج بابنه ليزوجه مر به على امرأة كاهنة من أهل تبالة متهودة قد قرأت الكتب يقال لها فاطمة بنت مر الخثعمية فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال عبد الله:
أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه يحمي الكريم عرضه ودينه
إني رأيت مخيلة لمعت فتلألأت بحناتم القطر
فلمائها نور يضيء له ما حوله كإضاءة البدر
ورجوتها فخرا أبوء به ما كل قادح زنده يوري
لله ما زهرية سلبت ثوبيك ما استلبت وما تدري
بني هاشم قد غادرت من أخيكم أمينة إذ للباه يعتلجان
كما غادر المصباح بعد خبوه فتائل قد ميثت له بدهان
وما كل ما يحوي الفتى من تلاده بحزم ولا ما فاته بتواني
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه سيكفيكه جدان يصطرعان
[ ص: 328 ] سيكفيكه إما يد مقفعلة وإما يد مبسوطة ببنان
ولما قضت منه أمينة ما قضت نبا بصري عنه وكل لساني
أعيذه بالواحد من شر كل حاسد
[ولبعضهم شعر: ]
حملته آمنة وقد شرفت به وتباشرت كل الأنام بقربه
حملا خفيفا لم تجد ألما به وتباشرت وحش الفلا فرحا به
واستبشرت من نورهن وكيف لا وهو الغياث ورحمة من ربه
وعن بريدة رضي الله تعالى عنهما قالا: رأت وابن عباس آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك حبلى بخير البرية وسيد العالمين، فإذا ولدتيه فسميه أحمد أو محمدا أو علقي عليه هذه. فانتبهت وعند رأسها صحيفة من ذهب مكتوب عليها:
أعيذه بالواحد من شر كل حاسد
وكل خلق زائد من قائم وقاصد
عن السبيل حائد على الفساد جاهد
من نافث أو عاقد وكل خلق مارد
[ ص: 329 ] يأخذ بالمراصد في طرق الموارد
رواه وسنده واه جدا، وإنما ذكرته لأنبه عليه لشهرته في كتب المواليد. أبو نعيم
قال الحافظ أبو الفضل العراقي في مولده إن من قوله "وعلقي عليه هذه" إلى آخره أدرجه بعض القصاص.
وروى عن البيهقي أبي جعفر محمد بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: أمرت آمنة وهي حبلى برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد.
وروى وصححه الحاكم البيهقي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا؟ يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال: "أنا دعوة أبي خالد بن معدان إبراهيم وبشرى عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام ". عن
وروى ابن سعد عن وابن عساكر رضي الله تعالى عنهما أن ابن عباس آمنة قالت: لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته.
واختلفوا في يوم ابتداء الحمل فقيل: في أيام التشريق. وعليه فيكون مولده في رمضان وقيل في عاشوراء وقيل غير ذلك.
قال أبو زكريا يحيى بن عائذ رحمه الله تعالى في مولده: ولا ريحا ولا ما يعرض لذوات الحمل من النساء. بقي صلى الله عليه وسلم في بطن أمه تسعة أشهر كملا لا تشكو وجعا ولا مغصا
قال في الغرر: وهو الصحيح. وقيل: كانت مدة الحمل عشرة أشهر. وقيل ثمانية. وقيل سبعة.